للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عُبَيد، عن أبي الدرداء، عن رسول الله ، فذكر حديث النزول، وأنه تعالى يقول: من يستغفرْني أغفرْ له، من يَسألْني أعطه، من يدعني فأستجب [١] له حتى يطلع [٢] الفجر". فلذلك يقول: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾، فيشهده الله، وملائكة الليل، وملائكة النهار.

فإنه تفرد به زيادة وله بهذا حديث في سنن أبي داود (٢٣٦).

وقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾: أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة، كما ورد في صحيح مسلم (٢٣٧)، عن أبي هريرة، عن رسول الله : أنه سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: "صلاة الليل". ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل، فإن التهجد ما كان بعد نوم. قاله [٣] علقمة، والأسود، وإبراهيم النخعي، وغير واحد، وهو المعروف في لغة العرب. وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله أنه كان يتهجد بعد نومه - عن ابن عباس، وعائشة، وغير واحد من الصحابة -كما هو مبسوط في موضعه، ولله الحمد والمنة.

وقال الحسن البصري: هو ما كان بعد العشاء ويحمل على ما بعد النوم.

واختلف في معنى قوله: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾، فقيل: معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك، فجعلوا قيام الليل واجبًا في حقه دون الأمة. رواه العوفي عن ابن عباس، وهو أحد قولي العلماء، وأحد قولي الشافعي واختاره ابن جرير.

وقيل: إنما جعل قيام الليل في حقه نافلة على الخصوص، لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وغيره من أمته إنما تكفر عنه صلواتُه النوافلُ الذنوبَ التي عليه، قاله مجاهد، وهو في المسند (٢٣٨) عن أبي أمامة الباهلي، .

وقوله: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾، أي: افعل هذا الذي أمرتك به،


(٢٣٦) - الحديث المشار إليه عند أبي داود كتاب الطب، باب: كيفية الرقى؟ (٣٨٩٢).
(٢٣٧) - أخرجه مسلم في صحيحه -كتاب الصيام، باب: فضل صوم المحرم (٢٠٣) (١١٦٣) حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به.
(٢٣٨) - أخرجه أحمد (٥/ ٢٥٦)، والطبراني في الكبير (٧٥٦١) (٨/ ١٤٥)، وابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٤٣). من طريق شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال: إنما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه =