للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيد بن جبير، عن ابن عباس: سئل رسول الله عن أبي أولاد المشركين، قال [١]: "الله أعلم بما كانوا عاملين". [وكذلك هو في الصحيحين (١٠٨) من حديث الزهري، عن عطاء بن يزيد، وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: "اللَّه أعلم بما كانوا عاملين" [٢]. ومنهم من جعلهم من أهل الأعراف، وهذا القول يرجع إلي قول من ذهب إلي [٣] أنهم من أهل الجنة؛ لأن الأعراف ليس دار قرار، ومآل أهلها إلي الجنة، كما تقدم تقرير ذلك في سورة الأعراف، والله أعلم.

[فصل]

وليعلم أن هذا الخلاف مخصوص بأطفال المشركين، فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء، كما حكاه القاضي أبو يعلى بن [٤] الفرّاء الحنبلي، عن الإِمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة. وهذا هو المشهور بين الناس، وهو الذي نقطع به إن شاء الله ﷿. فأما ما ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر، عن بعض العلماء أنهم توقفوا في ذلك، وأن الولدان كلهم تحت مشيئة الله ﷿، قال أبو عمر (١٠٩): ذهب إلى هذا القول جماعة من أهل الفقه والحديث، منهم: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم. قالوا [٥]: وهو يشبه ما رسم مالك في موطئه في أبواب القدر، وما أورده من الأحاديث في ذلك، وعلي ذلك أكثر أصحابه، وليس عن مالك فيه شيء منصوص، إلا أن المتأخرين من أصحابه ذهبوا إلي أن أطفال المسلمين في الجنة، وأطفال الكفار [٦] خاصة في المشيئة. انتهى كلامه، وهو غريب جدًّا.


= ومسلم في صحيحه -كتاب القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة .... " (٢٨) (٢٦٦٠). وأبو داود -كتاب السنة، باب: في ذراري المشركين - (٤٧١١). والنسائي -كتاب الجنائز، باب: أولاد المشركين - (٤/ ٥٨ - ٥٩، ٥٩ - ٦٠).
(١٠٨) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين (١٣٨٤). ومسلم في صحيحه -كتاب القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة … (٢٦) - (٢٦٥٩). والنسائي -كتاب الجنائز، باب: أولاد المشركين - (٤/ ٥٨).
من طريق محمد بن شهاب الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي- عن أبي هريرة … فذكره وطريقه الثاني تقدم تخريجه.
(١٠٩) - التمهيد لابن عبد البر - (١٨/ ١١١ - ١١٢).