ثم إنه تعالى جعل لليل آية، أي: علامة يعرف بها، وهي الظلام وظهور القمر فيه، [وللنهار علامة، وهي النور وظهور الشمس][٢] النيرة [٣] فيه [٤]، وفاوت بين [نور القمر وضياء الشمس][٥]، ليعرف هذا من هذا، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إلا بِالْحَقِّ﴾ إلى قوله: ﴿لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ … الآية. كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ الآية.
قال ابن جريج: عن عبد الله بن كثير في قوله: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾، قال: ظلمة الليل وسدفة [٦] النهار وقال ابن جريج: عن مجاهد: الشمس آية النهار، والقمر آية الليل، [﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ﴾ [٧] قال: السواد الري في القمر، وكذلك خلقه الله تعالى.
وقال ابن جريج: قال ابن عبَّاس: كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، والقمر آية الليل، والشمس آية النهار، فمحونا آية الليل: السواد الذي في القمر.
وقد روى أَبو جعفر بن جرير (٧٢) من طرق متعددة جيدة - أن ابن الكواء سأل [أمير المؤمنين][٨] علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين ما هذه اللطخة التي في القمر؟ فقال: ويحك! أما تقرأ القرآن؟ فهذه محوه.
وقال قَتَادة في قوله ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ﴾: كنا نحدث أن محو آية الليل سواد القمر
(٧٢) - أخرجه ابن جرير في تفسيره - (١٥/ ٤٩). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٠٣) إلى ابن عساكر.