للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله﴾ من الكفرة و [١] الملحدين المعروفين [٢] بالكذب عند الناس، والرسول محمد كان أصدق الناس وأبرهم، وأكملهم علمًا وعملًا وإيمانًا وإيقانًا، معروفًا بالصدق في قومه، لا يشك في ذلك أحد منهم، بحيث لا يدعى بينهم إلا بالأمين محمد، ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله ، كان فيما قال له: هل [٣] كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: فما كان ليدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله ﷿ (٥٩).

﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٠٨) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٠٩)

أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به -أنه قد غضب عليه؛ لعلمهم بالإِيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذابًا عظيمًا في الدار الآخرة؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلوبهم، ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم [فهم لا] [٤] يعقلون بها شيئًا ينفعهم، وختم على سمعهم وأبصارهم فلا ينتفعون بها، ولا أغنت عنهم شيئًا


(٥٩) - أخرج القصة بطولها وفيها كتاب النبي إلى هرقل، البخاري في كتاب بدء الوحي، باب (٧)، حديث (٦) (١/ ٣١ - ٣٣) وأطرافه في (٥١، ٢٦٨١، ٢٨٠٤، ٢٩٤١، ٢٩٧٨، ٣١٧٤، ٤٥٥٣، ٥٩٨٠، ٦٢٦٠، ٧١٩٦، ٧٥٤١). ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب: كتاب النبي إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، حديث (٧٤/ ١٧٧٣) (١٢/ ١٤٧ - ١٥٣).