للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحَقِّ﴾ أي: بالصدق والعدل ﴿لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فيصدقوا بما أنزل [١] أولًا وثانيًا، وتخبت له قلوبهم ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ أي: وجعله هاديًا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله [٢].

﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين ما كانوا يقولونه من الكذب والافتراء والبهت: أن محمدًا إنما يعلمه هذا الذي يتلوه علينا من القرآن بشر، يشيرون إلى رجل أعجمي كان بين أظهرهم غلام لبعض بطون قريش، وكان بياعا يبيع عند الصفا، وربما [٣] كان رسول الله يجلس إليه ويكلمه بعض الشيء، وذاك كان أعجمي اللسان لا يعرف العربية [٤]، أو أنه كان يعرف الشيء اليسير بقدر ما يرد جواب الخطاب فيما لا بد منه، فلهذا قال الله تعالى رادًّا عليهم في افترائهم ذلك: ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ يعني [٥]: القرآن [٦] أي: فكيف يتعلم من جاء بهذا القرآن في فصاحت، وبلاغته، ومعانيه التامّة الشاملة، التي هي أكمل من معاني كل كتاب نزل على [نبيّ أُرْسِلَ] [٧]، كيف يتعلم من رجل أعجمي؟ لا يقول هذا من له أدنى مسكة من العقل.

قال محمَّد بن إسحاق بن يسار في السيرة: كان رسول الله فيما بلغني كثيرًا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة [٨] غلام نصراني قال له جبر، عبد لبعض [٩] بني الحضرمي [فكانوا يقولون: والله ما يعلم محمدًا كثيرًا مما يأتي به إلا جبرٌ النصراني غلام بني الحضرمي] [١٠] فأنزل الله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.

وكذا قال عبد الله بن كثير، و [١١] عن عكرمة وقتادة: كان اسمه يعيش.


[١]- في ز: "نزل".
[٢]- في ز، خ: "ورسوله".
[٣]- في ز: "فربما".
[٤]- في ز: "بالعربي".
[٥]- في خ: "أي"، والمثبت من: ز.
[٦]- في خ: "بالقرآن".
[٧]- في خ: "بني إسرائيل".
[٨]- في ز: "سبيعة".
[٩]- سقط من: خ.
[١٠]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[١١]- سقط من: ز.