للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للإسلام [١]، وكان عيشه كفافًا، وقنع به". وقال الترمذي: هذا [٢] حديث صحيح.

وقال الإِمام أحمد (٥٦): حدثنا يزيد، حدثنا همام، عن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، [يعطى بها في الدنيا] [٣]، [ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيعطيه حسناته في الدنيا] [٤]، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرًا". انفرد بإخراجه مسلم (٥٧).

﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)

هذا أمر من الله تعالى لعباده [٥]، على لسان نبيه ، إذا أرادوا قراءة القرآن: أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وهو أمر ندب ليسر بواجب، حكى [الإجماع على ذلك] [٦] أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة، وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير، ولله الحمد والمنة.

والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته، ويخلط عليه، ويمنعه من التدبر والتفكر. ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل [٧] التلاوة، وحكي عن حمزة وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلاوة، واحتجا بهذه الآية، ونقل النووي [٨] في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضًا ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، والصحيح الأول لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة، والله


(٥٦) - أخرجه أحمد (٣/ ١٢٣).
(٥٧) - أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب: جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا، حديث (٥٦، ٥٧/ ٢٨٠٨) (١٧/ ٢١٩).