للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيمَانَكُمْ دَخَلًا بَينَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢)

وهذا مما [١] بأمر الله [٢] تعالى به [٣]: وهو الوفاء بالعهود والمواثيق، والمحافظة على الأيمان المؤكدة، ولهذا قال: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾.

ولا تعارض بين هذا [٤] ربين قوله: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا﴾. وبين قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيمَانَكُمْ﴾ أي: لا تتركوها بلا كفارة [٥]، وبين قوله فيما ثبت عنه في الصحيحين (٤٤) [أنه قال] [٦]: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها -وفي رواية- وكفرت عن يميني". لا تعارض بين هذا كله، ولا بين الآية المذكورة ها هنا وهي [٧] قوله: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾؛ لأن هذه الأيمان المراد بها: الداخلة [٨] في العهود والمواثيق، لا الأيمان التي هي واردة على حث أو منع، رلهذا قال مجاهد في قوله: ﴿لَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ يعني: الحلف. أي: حلف الجاهلية، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد (٤٥):


(٤٤) - صحيح البخاري، كتاب الإيمان والنذور، باب: قول الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيمَانَ … ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، حديث (٦٦٢٣) (١١/ ٥١٧) وطرفه في (٦٧١٨).
ومسلم، كتاب الأيمان، باب: ندب من حلف يمينًا، فرأى غيرها خيرًا منها، أن يأتي الذي هو خير وكفر عن يمينه، حديث (٧/ ١٦٤٩) (١١/ ١٥٦).
كلاهما من حديث أبي موسى الأشعري وفيه قصة.
(٤٥) - المسند (٤/ ٨٣) رقم (١٦٨١١).