للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنكال ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾ لأنه تعالى أعذر إليهم، وأقام حججه عليهم؛ بإرسال رسله، وإنزال كتبه ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أي: بمخالفة الرسل والتكذيب بما جاءوا به، فلهذا أصابتهم عقوبة الله على ذلك ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ أي: أحاط بهم من العذاب الأليم ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي: يسخرون من الرسل إذا توعدوهم بعقاب الله، فلهذا يقال لهم يوم القيامة: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾.

وَقَال الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيهِ الضَّلَالةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)

يخبر تعالى عن اغترار [١] المشركين بما هم فيه من الشرك [٢]، واعتذارهم محتجين بالقدر [في قولهم] [٣]: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ﴾ أي: من البحائر والسوائب والوصائل، وغير ذلك مما [٤] كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء أنفسهم، مما [٥] لم ينزل الله [٦] به سلطانًا.

ومضمون كلامهم: أنه لو كان تعالى كارهًا لما فعلنا لأنكره علينا بالعقوبة، ولما مكَّنَّا منه، قال الله تعالى رادًّا عليهم شبهتهم [٧]: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ أي: ليس الأمر كما تزعمون: أنه لم يعيره [٨] عليكم [ولم ينكره عليكم] [٩]، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار، ونهاكم عنه آكد النهي، وبعث في كل أمة رسولًا -أي: في كل قرن [وطائفة من الناس]- رسولًا، وكلهم يدعو إلى عبادة الله، وينهى عن عبادة ما


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- في خ: "الإشراك".
[٣]- في خ: "بقولهم".
[٤]- في ز: "بما".
[٥]- في خ: "ما".
[٦]- زيادة من: خ.
[٧]- في ز: "شبههم".
[٨]- في ز: "يغير".
[٩]- ما بين المعكوفتين في ز: "ولا يكره".