للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصورها ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾، كقوله [١] تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ [٢] الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ وفي الحديث: "إن السحابة لتمر بالملأ من أهل الجنة، وهم جلوس على شرابهم، فلا يشتهي أحد منهم شيئًا إلا أمطرته عليهم، حتى أن منهم لمن يقول أمطرينا كواعب أترابًا فيكون ذلك". ﴿كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ﴾ أي: كذلك يجزي الله كل من آمن به واتقاه وأحسن عمله.

ثم أخبر تعالى عن حالهم [٣] عند الاحتضار أنهم [٤] طيبون [٥] أي: مخلصون من الشرك والدنس وكل سوء، وأن [٦] الملائكة تسلم عليهم وتبشرهم [٧] بالجنة، كقوله [٨] تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾.

وقد قدمنا الأحاديث الواردة في قبض روح المؤمن وروح الكافر عند قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾.

هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ

وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٤)

يقول تعالى متهددًا للمشركين على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا: هل ينتظر هؤلاء إلا الملائكة أن تأتيهم لقبض أرواحهم، قاله قتادة.

﴿أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ أي: يوم القيامة وما يعاينونه [٩] من الأهوال.

وقوله: ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي: هكذا تمادى في شركهم أسلافهم ونظراؤهم وأشباههم من المشركين حتى ذاقوا بأس الله، وحلوا فيما هم فيه من العذاب


[١]- في خ: "كما قال".
[٢]- في ز: "تشتهي".
[٣]- في ز: "مآلهم".
[٤]- في ز: "وهم".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- في ز: "بأن".
[٧]- في ز، خ: "ويبشرونهم".
[٨]- في خ: "كما قال".
[٩]- في ز: "يعاينوه".