للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ودعوا الناس إلي ذلك.

ثم قال تعالى متهددًا لهم، ومتوعدهم علي لسان نبيه، : ﴿قل تمعتوا فإن مصيركم إلى النار﴾ أي: مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا، فمهما يكن من شيء ﴿فإن مصيركم إلى النار﴾: مرجعكم وموئلكم إليها، كما قال تعالى: ﴿نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ﴾، وقال تعالى: ﴿متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون﴾.

﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١)

يقول تعالى آمرًا لعباد [١] بطاعته، والقيام بحقه، والإحسان إلي خلقه، بأن يقيموا الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وأن ينفقوا مما رزقهم الله، بأداء الزكوات، والنفقة علي القرابات، والإِحسان إلي الأجانب.

والمراد بإقامتها هو المحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها.

وأمر تعالى بالإِنفاق مما رزق في السر، أي: في الخفية، والعلانية: وهي الجهر، وليبادروا إلي ذلك لخلاص [٢] أنفسهم ﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ وهو يوم القيامة [وهو يوم] [٣]، ﴿لا بيع فيه ولا خلال﴾ أي: لا [٤] يقبل من أحد فدية بأن تباع نفسه، كما قال تعالى: ﴿فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا﴾.

وقوله: ﴿ولا خلال﴾ قال ابن جرير: يقول ليس هناك مخالَّة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالَّته [٥]، بل هناك [٦] العدل والقسط، والخلال [٧]: مصدر من قول القائل: خاللت فلانًا فأنا أخاله مخالة وخلالًا؛ ومنه قول امرئ القيس:

صرفتُ الهوي عَنْهُنَّ من خَشْيَةِ الرَّدَى … وَلَسْتُ بِمَقْلِيّ الخِلالِ ولا قالي [٨]

وقال قتادة: إن الله قد علم أن في الدنيا بيوعًا وخلالًا يتخالون بها في الدنيا، فينظر


[١]- في ت: "عباده".
[٢]- في خ: "بخلاص".
[٣]- سقط من: ت.
[٤]- في ت: "ولا".
[٥]- في ز: "لمخاللته".
[٦]- في خ: "هنالك".
[٧]- في خ: "والخلال".
[٨]- في ز، خ: "قال".