للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيهِ مُرِيبٍ﴾ يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به [١]، فإن عندنا فيه شكًّا قويًّا.

﴿قَالتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٠) قَالتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)

يخبر الله تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاءوهم به من عبادة الله وحده لا شريك له، قالت [٢] الرسل: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ﴾ وهذا يحتمل شيئين؛ أحدهما: أفي وجوده شك؟! فإن الفِطَرَ شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به ضروري في الفطر [٣] السليمة، ولكن قد يعرض لبعضها شك واضطراب، فتحتاج إلى [النظر في الدليل] [٤] الموصل إلى وجوده، ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الذي خلقهما وابتدعهما على غير مثال سبق، فإن شواهد الحدوث [٥] والخلق والتسخير ظاهر عليهما، فلا بد لهما [٦] من صانع وهو الله لا إله إلَّا هو، خالق كل شيء وإلهه ومليكه.

والمعنى الثاني: في قولهم: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ﴾ أي: أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك، وهو الخالق لجميع الموجودات، ولا يستحق العبادة إلَّا هو وحده لا شريك له؛ فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم، أو تقربهم من الله زلفى.


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز، خ: "قال".
[٣]- في خ: "البطن".
[٤]- في ز: "الدليل في النظر".
[٥]- في ز، خ: "الحدث".
[٦]- في ز: "لها".