للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾، اختلف المفسرون في ذلك، فقال الثوري (١٢٢)، ووكيع، وهشيم، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: يدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء، إلا الشقاء والسعادة، والحياة والموت، وفي رواية: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾، [قال: كل شيء] [١]، إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة فإنهما قد فرغ منهما.

وقال مجاهد: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾، إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، فإنهما لا يتغيران.

وقال منصور: سألت مجاهدًا فقلت: أرأيت دعاءَ أحدِنا يقول: "اللهم إن كان اسمى في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه عنهم [٢] واجعله في السعداء". فقال: حَسنٌ. ثم لقيته [٣] بعد ذلك بحَوْلٍ أو أكثر، فسألته عن ذلك، فقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، قال يُقْضى في ليلة القدر ما يكون في السَّنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، فأما كتاب الشقاوة والسعادة فهو ثابتٌ لا يُغيَّر.

وقال الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة: إنه كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء: "اللهم إن كنت كتبتا أشقياء فامحه [٤] واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب". رواه ابن جرير (١٢٣).


(١٢٢) - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٣٣٨) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (٢/ ٨٩٧، ١١٢٩) وابن جرير (١٦/ ٢٠٤٦١: ٢٠٤٦٦) واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (٣/ ٩٧٤) وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق عبيد الله بن موسى أنا ابن أبي ليلى، وابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن، وهو صدوق سيئ الحفظ جدًّا، وزاد نسبته السيوطي (٤/ ١٢٢) إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١٢٣) - تفسير ابن جرير (١٦/ ٢٠٤٧٧) حدثنا عمرو قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا الأعمش عن أبي وائل قال: كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات … فذكر الحديث: قال الشيخ محمود شاكر في حاشية تفسير ابن جرير قوله: "كان يكثر أن يدعو" الضمير في ذلك إلى عبد الله بن مسعود وساقه ابن كثير في تفسيره مساقًا يوهم أنه شقيق بن سلمة نفسه الذي كان يكثر أن يدعو، وقد أساء، لأنه هو الذي غير لفظ الخبر" قلت: وقد ورد الخبر أيضًا من كلام شقيق نفسه، فأخرجه ابن جرير (٢٠٤٧٦) وعبد الله في زوائد "الزهد" (ص ٤٢٩) من طريق الأعمش أيضًا قال -سياق عبد الله- سمعت شقيقًا يقول … ، فذكره بنحوه وأثر ابن مسعود يأتي برقم (١٢٥، ١٢٦).