للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال رسول الله، : "خفّفَت [١] على داود القراءة، فكان [٢] يأمر بدابته [أن تُسرج] [٣]، فكان يقرأ القرآن من [٤] قبل أن تُسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه". انفرد بإخراجه البخاري.

والمراد بالقرآن هنا الزبور.

وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَيأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، أي: من إيمان جميع الخلق ويعلموا أو يتبينوا ﴿أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾، فإنه ليس ثَمّ حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في النفوس والعقول من هذا القرآن، الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، وثبت في الصحيح (١٠٠) أن رسول الله قال: "ما من نبي إلا وقد أوتي ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًّا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"، معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضى عجائبه، ولا يَخْلَقُ عن كثرة الردّ، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.

وقال ابن أبي حاتم (١٠١): حدثنا أبو زرعة، حدثنا منجاب بن الحارث، أنبأنا بشر بن عمارة، حدثنا عمر بن حسان، عن عطية العوفي قال: قلت له: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ﴾ … الآية قالوا لمحمد : لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها، أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيى الموتى لقومه؟ فأنزل الله هذه الآية. قال: قلت: هل تروون هذا الحديث عن أحد من أصحاب النبي ؟ قال: نعم، عن أبي سعيد، عن النبي .

وكذا روى عن [٥] ابن عباس (١٠٢)، والشعبي، وقتادة، والثوري، وغير واحد في سبب


(١٠٠) - صحيح، تقدم تخريجه (سورة يونس / آية ٣٨).
(١٠١) - عطية العوفي، وبشر بن عمارة ضعيفان، والحديث زاد نسبته السيوطي (٤/ ١١٧) إلى أبي الشيخ وابن مردويه.
(١٠٢) - أخرجه ابن جرير (١٦/ ٢٠٣٩٩) من طريق عطية العوفي أيضًا عنه بنحو السابق، وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.