للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء. ثم قال: " ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيهِمْ﴾ إلى قوله ﴿عظيم﴾ هؤلاء أهل النار".

قالوا لسنا هم يا رسول الله. قال: "أجل".

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)

يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي غطوا الحق [١] وستروه، وقد كتب الله تعالى عليهم ذلك، سواء عليهم إنذارُك وعدمُه، فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم، به. كما قال تعالى: ﴿إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم﴾ وقال تعالى: في حق المعاندين من أهل الكتاب: ﴿ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك﴾. الآية. أي إن من كتب الله عليه الشقاوة فلا مُسْعِدَ له، ومن أضله فلا هادي له، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، وبلغهم الرسالة، فمن استجاب لك فله الحظ الأوفر، ومن تولى فلا تحزن عليهم [ولا يهمنك ذلك] [٢] ﴿فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب﴾ و ﴿إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل﴾.

وقال علي [٣] بن أبي طلحة: عن ابن عباس (١١٠) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)﴾ قال: كان رسول الله يحرصُ أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكَر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة [٤] في الذكر الأول.

وقال محمد بن إسحاق: حدّثني محمد بن أبي محمد (١١١)، عن عكرمة -أو سعيد بن جبير- عن ابن عباس: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بما أنزل إليك، وإن قالوا: إنا قد آمنا بما جاءنا قبلك ﴿سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. أي: إنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك، وجحدوا ما أخذ عليهم من الميثاق، وقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم به غيرك، فكيف يسمعون منك إنذارًا وتحذيرًا وقد كفروا بما عندهم من علمك.

وقال أبو [٥] جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: نزلت هاتان الآيتان في


(١١٠) - رواه ابن جرير (٢٩٧)، والبيهقي (١٤٦) في الأسماء والصفات، والطبراني (١٢/ ١٣٠٢٥)، وسنده ضعيف لانقطاعه.
(١١١) - محمد بن أبي محمد: مجهول، والأثر عند ابن جرير في تفسيره (٢٩٥)، وابن أبي حاتم (٩٢).