يقول تعالى واعظًا لهؤلاء المنافقين المكذبين للرسل ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي: ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة للرسل ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ وما أصابهم من الغرق العام لجميع أهل الأرض، إلا من آمن بعبده ورسوله نوح ﵇، ﴿وَعَادٍ﴾ كيف أهلكوا بالريح العقيم، لما كذبوا هودًا ﵇، ﴿وَثَمُودَ﴾ كيف أخذتهم الصيحة، لما كذبوا صالحاً ﵇، وعقروا الناقة ﴿وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ﴾ كيف نصره اللَّه عليهم، وأيده بالمعجزات [١] الظاهرة عليهم، وأهلك ملكهم النمرود [٢] بن كنعان بن كوش الكنعاني لعنه اللَّه، ﴿وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ﴾ وهم قوم شعيب ﵇، وكيف أصابتهم [٣] الرجفة والصيحة وعذاب يوم [٤] الظلة ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتِ﴾ قوم لوط، وقد كانوا يسكنون في مدائن، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ أي: الأمة المؤتفكة، وقيل: أم قراهم: وهي سدوم.
والغرض أن اللَّه تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي اللَّه لوطًا ﵇، وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين.
﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أي: بالحجج والدلائل القاطعات ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ أي: بإهلاكه إياهم؛ لأنه أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل وإزاحة العلل ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أي: بتكذيبهم الرسل، ومخالفتهم الحق، فصاروا إلى ما صاروا إليه من العذاب والدمار.