للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى: أصاب هؤلاء من عذاب اللَّه تعالى في الدنيا والآخرة، كما أصاب من قبلهم، وقد كانوا أشد منهم قوة، وأكر أموالًا وأولادًا، وقوله [١]: ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ﴾ قال الحسن البصري: بدينهم. وقوله [٢]: ﴿كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾ أي: في الكذب والباطل ﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ أي: بطت مساعيهم، فلا ثواب لهم عليها؛ لأنها فاسدة ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾؛ لأنهم لم يحصل لهم عليها ثواب.

قال ابن جريج، عن عمر [٣] بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ … ﴾ الآية، قال ابن عباس: ما أشبه الليلة بالبارحة! ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ هؤلاء بنو إسرائيل شُبِّهْنَا لهم، لا أعلم إلا أنه قال: "والذي نفسي بيده، لتتبعُنَّهم حى لو دخل الرجل منهم [٤] جحر ضَبٍّ لدخلتموه" (١٣٧).

قال ابن جريج (١٣٨): وأخبرني زياد بن سعد، عن محمد بن زيد [٥] بن مهاجر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، ، قال: قال رسول اللَّه، : "والذي نفسي بيده، لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، وباعًا بباع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: ومن هم يا رسول اللَّه؟ [] [٦] أهل الكتاب؟! قال: "فمه! ".

وهكذا رواه أبو معشر (١٣٩)، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي، … فذكره. وزاد: قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم القرآن ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. قال أبو هريرة: الخلاق: الدين، ﴿وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾ قالوا: يا رسول اللَّه، كما صنعت فارس والروم؟ قال: "فهل الناس إلا هم؟! ".


(١٣٧) - رواه الطبرى في تفسيره (١٤/ ٣٤١) رقم (١٦٩٣١).
(١٣٨) - رواه الطبرى في تفسيره (١٤/ ٣٤٢) رقم (١٦٩٣٢).
(١٣٩) - رواه الطبري في تفسره (١٤/ ٣٤١) رقم (١٦٩٣٠) وإسناده ضعيف من أجل أبي معشر وهو نحيح بن عبد الرحمن السندي.