للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم شرٌّ من الحمير. قال: فسمعها رجل من المسلمين فقال: والله، إن ما يقول محمد لحق، ولأنت أشر من الحمار. قال: فسعى بها الرجل إلى نبي الله [١]، ، فأخبره، فأرسل إلى الرجل فدعاه، فقال: "ما حملك على الذي قلت؟ " فجعل يلتعن ويحلف بالله ما قال ذلك، وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صَدِّقِ الصادق وكَذِّب الكاذب، فأنزل الله ﷿: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾. أي: ألم يتحققوا ويعلموا أنه من حاد الله ﷿، أي: شاقه وحاربه وخالفه، وكان في حد والله ورسوله في حد ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾ أي: مهانًا معذبًا و [٢] ﴿ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾ أي: وهذا هو الذل العظيم، والشقاء الكبير.

﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)

قال مجاهد: يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا هذا.

وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾، وقال في هذه الآية: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ أي: إن الله سينزل على رسوله ما يفضحكم به، ويبين له أمركم، كقوله تعالى: [﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ إلى قوله] [٣]: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ ولهذا قال قتادة: كانت [٤] تسمى هذه السورة الفاضحة؛ فاضحة المنافقين.

﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)

قال أبو معشر المديني، عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: قال رجل من


[١]- في خ: "النبي".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٤]- في ز: "وكانت".