للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعيد بن جبير: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾: كما كتب عليكم تكونون. وفي رواية: كما كنتم تكونون عليه تكونون.

وقال محمَّد بن كعب القرظي في قوله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾: من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة، صار إليَّ [ما ابتدئ عليه خلقه] [١]، وإن عمل بأعمال أهل السعادة [كما أن إبليس عمل بأعمال أهل السعادة، ثم صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه] [٢]، ومن ابتدأً خلقه على السعادة صار إلى ما ابتدئ خلقه عليه، وإن [٣] عمل بأعمال أهل الشقاء، كما أن السحرة عملوا [٤] بأعمال أهل الشقاء، ثم صاروا إلى ما ابتدئوا [٥] عليه.

وقال السدي: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى [وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ يقول: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾] [٦]: كما خلقناكم [٧] طريق مهتدون، وفريق ضلال، كذلك تعودون وتخرجون من بطون أمهاتكم.

وقال على بن أبي طلحة (٤٥)، عن ابن عباس قوله: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾، قال: إن الله تعالى بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافرًا؛ كما قال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأهم مؤمنًا وكافرًا.

قلت: ويتأيد هذا القول بحديث ابن مسعود في صحيح البُخاريّ (٤٦): " فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنَّة حتَّى ما يكون بينه وبينها إلَّا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتَّى ما يكون بينه وبينها إلَّا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنَّة فيدخل الجنة".

وقال أبو القاسم البغوي (٤٧): حدّثنا على بن الجعد، حدّثنا أبو غسان [٨]، عن أبي حازم، عن


(٤٥) - أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٤٤٧٨) وابن أبي حاتم (٥/ ٨٣٦٤) وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (٣/ ١٤٤).
(٤٦) - صحيح البُخاريّ كتاب: الخلق، باب: ذكر الملائكة … (٣٢٠٨) مغايرا في بعض الأحرف لسياق المصنف، ويذكره المصنف مطولاً عند [آية رقم ١٤/ من سورة المؤمنون] ويأتي تخريجه ثمة.
(٤٧) - صحيح ومن طريق أبي القاسم البغوي أخرجه أبو محمَّد البغوي في "شرح السنة" (١/ رقم ٨٠) =