للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البينات والبراهين [١] لا يؤمنوا بها، فلا فهم عندهم ولا إنصاف، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ [وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ] [٢]﴾.

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ﴾ أي: يحاجونك ويناظرونك في الحق بالباطل ﴿يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذ من كتب الأوائل ومنقول عنهم.

وقوله: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ وفي معنى ﴿يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ قولان:

أحدهما: أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق، وتصديق الرسول، والانقياد للقرآن، [﴿وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ أي: ويبعدونهم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين: لا ينتفعون] [٣] ولا يدعون [٤] أحدًا ينتفع.

قال على بن أبي طلحة (٢٦)، عن ابن عباس: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ قال: ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به.

وقال محمد بن الحنفية (٢٧): كان كفار قريش لا يأتون النبي وينهون عنه.

وكذا قال [قتادة ومجاهد] والضحاك وغير واحد، هذا القول أظهر والله أعلم، وهو اختيار ابن جرير.

والقول الثاني: رواه سفيان الثوري (٢٨)، عن حبيب بن أبي ثابت، عمن سمع ابن عباس،


(٢٦) - أخرجه ابن جرير (١١/ ١٣١٦٠) وابن أبي حاتم (٤/ ٧٢٠) وابن المنذر وابن مردويه كما في "الدر المنثور" (٣/ ١٥).
(٢٧) - أخرجه ابن جرير (١١/ ١٣١٥٩) وابن أبي حاتم (٤/ ٧٢٠١) من طريق حجاج عن سالم عنه وسالم هو ابن أبي الجعد وحجاج هو ابن أرطأة كثير الخطأ والتدليس ولم يصرح هنا بالسماع.
(٢٨) - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٢٠٦) وابن جرير (١١/ ١٣١٧٠: ١٣١٧٢) وابن أبي حاتم (٤/ ٧١٩٩) والحاكم (٢/ ٣١٥) والبيهقي في "الدلائل" (٢/ ٣٤٠) كلهم من طريق سفيان الثوري به وخالفه قيس بن الربيع - وهو صدوق تغير لما كبر - فقال عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس به أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٢/ ١٢٦٨٢) وذكره الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢٣) وقال: " … فيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات"