للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾ أيها المشركون ﴿أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾، كقوله: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾. ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾.

ثم قال تعالى مخبرًا عن أهل الكتاب: إنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم، بما عندهم من الأخبار والأنباء [عن المرسلين المتقدمين والأنبياء] [١]، فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد ، وببعثه وصفته وبلده ومهاجره وصفة أمته؛ ولهذا قال بعده [٢]: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: خسروا كل الخسارة ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ بهذا الأمر الجلي الظاهر، الذي بشرت به الأنبياء، ونوهت به في قديم الزمان وحديثه.

ثم قال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ [أي: لا أظلم ممن تقوّل على الله: فادَّعى أن الله أرسله ولم يكن أرسله، ثم لا أظلم ممن] [٣] كذب بآيات الله وحججه وبراهينه ودلالاته ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: [لا يفلح هذا] [٤] ولا هذا، لا المفتري ولا المكذب.

﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ يوم القيامة، فيسألهم [٥] عن الأصنام والأنداد التي كانوا يعبدونها من دونه، قائلًا لهم [٦]: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾، كقوله تعالى في سورة القصص: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٢]- في ز: "بعد هذا".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "لا يلفح لا هذا".
[٥]- في ز: "فنسألهم".
[٦]- سقط من: ز.