للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أي: السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم.

ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد ، الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع [١] القويم، وأمره أن يدعو الناس إلى [صراط الله] [٢] المستقيم: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كما قال: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ والمعنى: لا أتخذ وليا إلا الله وحده لا شريك له، فإنه فاطر السموات والأرض، أي: خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق.

﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ أي: وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الآيات.

وقرأ بعضهم هاهنا ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ أي: لا يأكل.

وفي حديث (١٧) سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي [على طعام] [٣]، فانطلقنا معه، فلما طعم النبي وغسل يديه قال: "الحمد لله الذي يُطْعِم ولا يُطْعَم، [ومنَّ] [٤] علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكلُّ بلاء حسن أبلانا، الحمد للَّه غير مودع ولا مكافأ ولا مكفور، ولا مستغنى عنه، الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام، وسقانا من الشراب، وكسانا من العُرْى، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلًا، الحمد لله رب العالمين".

﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ أي: من هذه الأمة ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)﴾ يعني: يوم القيامة ﴿مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ﴾ أي [٥]: العذاب ﴿يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ يعني: فقد ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾


(١٧) - صحيح، أخرجه النسائي فى "عمل اليوم والليلة" من "السنن الكبرى" (٦/ ١٠١٣٣) وابن السني فى "اليوم والليلة" (٤٨٦) والطبراني في "الدعاء" (٢/ ٨٩٦) وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٢٤٢) والبيهقي في "الشعب" (٤/ ٤٣٧٧)، وصححه ابن حبان (١٢/ ٥٢١٩ - إحسان) والحاكم (١/ ٥٤٦) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وهو كما قالوا. وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١٢): إلى ابن مردويه.