للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقربة يتقربون بها إليه، وليس ذلك بحاصل لهم بل هو وبال عليهم.

﴿وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللَّه وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا﴾ أي: إذا دعوا إلى دين اللَّه وشرعه وما أوجبه وترك ما حرمه، قالوا: يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك، قال اللَّه تعالى: ﴿أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا﴾ أي: لا يفهمون حقًّا ولا يعرفونه ولا يهتدون إليه، فكيف يتبعونهم والحالة هذه؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلًا.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)

يقول تعالى: آمرًا عباده المؤمنين أن يصلحوا أنفسهم، ويفعلوا الخير بجهدهم وطاقتهم، ومخبرًا لهم: أنه من أصلح أمره لا يضره فساد من فسد من الناس، سواء كان قريبًا منه أو بعيدًا.

قال العوفي، عن ابن عباس عند [١] تفسير هذه الآية: يقول تعالى إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته به من الحلال [ونهيته عنه من] [٢] الحرام، فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به.

وكذا روى الوالبي عنه، وهكذا قال مقاتل بن حيان، فقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم﴾ نصب على الإغراء ﴿لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى اللَّه مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ أي: فيجازي كل عامل بعمله، ان خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

وليس في الآية مُسْتَدَل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان فعل ذلك ممكنًا، وقد قال الإِمام أحمد (٧٩٨):


(٧٩٨) - المسند (١/ ٥) وإسناده صحيح كما قال العلامة أحمد شاكر فى تعليقه على المسند ورواه أحمد فى المسند (١/ ٢، ٧، ٩) وأبو داود فى "سننه" كتاب الملاحم باب: الأمر والنهى حديث (٤٣٣٨)، والترمذى كتاب الفتن، كتاب: ما جاء فى نزول العذاب إذا لم يغير المنكر حديث (٢١٦٨)، وفى تفسير القرآن، كتاب: ومن سورة المائدة حديث (٣٠٥٧)، وابن ماجه فى الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حديث (٤٠٠٥)، والنسائى فى الكبرى كما فى تحفة الأشراف (٦٦١٥)، وابن حبان فى صحيحه (٣٠٤)، والبيهقى فى السنن (١٠/ ٩١) من طرق عن إسماعيل بن أبى خالد به.=