وقربة يتقربون بها إليه، وليس ذلك بحاصل لهم بل هو وبال عليهم.
﴿وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللَّه وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا﴾ أي: إذا دعوا إلى دين اللَّه وشرعه وما أوجبه وترك ما حرمه، قالوا: يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك، قال اللَّه تعالى: ﴿أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا﴾ أي: لا يفهمون حقًّا ولا يعرفونه ولا يهتدون إليه، فكيف يتبعونهم والحالة هذه؟ لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلًا.
يقول تعالى: آمرًا عباده المؤمنين أن يصلحوا أنفسهم، ويفعلوا الخير بجهدهم وطاقتهم، ومخبرًا لهم: أنه من أصلح أمره لا يضره فساد من فسد من الناس، سواء كان قريبًا منه أو بعيدًا.
قال العوفي، عن ابن عباس عند [١] تفسير هذه الآية: يقول تعالى إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته به من الحلال [ونهيته عنه من][٢] الحرام، فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به.
وكذا روى الوالبي عنه، وهكذا قال مقاتل بن حيان، فقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم﴾ نصب على الإغراء ﴿لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى اللَّه مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ أي: فيجازي كل عامل بعمله، ان خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
وليس في الآية مُسْتَدَل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان فعل ذلك ممكنًا، وقد قال الإِمام أحمد ﵀(٧٩٨):
(٧٩٨) - المسند (١/ ٥) وإسناده صحيح كما قال العلامة أحمد شاكر فى تعليقه على المسند ورواه أحمد فى المسند (١/ ٢، ٧، ٩) وأبو داود فى "سننه" كتاب الملاحم باب: الأمر والنهى حديث (٤٣٣٨)، والترمذى كتاب الفتن، كتاب: ما جاء فى نزول العذاب إذا لم يغير المنكر حديث (٢١٦٨)، وفى تفسير القرآن، كتاب: ومن سورة المائدة حديث (٣٠٥٧)، وابن ماجه فى الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حديث (٤٠٠٥)، والنسائى فى الكبرى كما فى تحفة الأشراف (٦٦١٥)، وابن حبان فى صحيحه (٣٠٤)، والبيهقى فى السنن (١٠/ ٩١) من طرق عن إسماعيل بن أبى خالد به.=