للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال تعالى: ﴿قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين﴾ أي: قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قوم من قبلكم فأجيبوا عنها، ثم لم يؤمنوا بها فأصبحوا بها كافرين، أي: بسببها أن بينت لهم فلم [١] ينتفعوا بها؛ لأنهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد، وإنما سألوا على وجه التعنت والعناد.

قال العوفي: عن ابن عباس قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ وذلك أن رسول اللَّه أذن في الناس فقال: "يا قوم كتب عليكم الحج". فقام رجل من بني أسد، فقال: يا رسول اللَّه، أفي كل عام؟ فأغضب رسول اللَّه غضبا شديدًا، فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذا لكفرتم، فاتركوني ما تركتكم، وإذا أمرتكم بشيء فافعلوا، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه". فأنزل اللَّه [هذه الآية] [٢]، نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي ساكت النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين، فنهى اللَّه عن ذلك، وقال: لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه.

رواه ابن جرير (٧٨٦).

وقال على بن أبي طلحة: عن ابن عباس ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم﴾ قال: لما نزلت آية الحج نادى النبي في الناس، فقال: "يا أيها الناس إن اللَّه قد كتب عليكم الحج فحجوا". فقالوا: يا رسول اللَّه، أعامًا واحدًا أم كل عام؟ فقال: "لا، بل عامًا


= كما في العلل للدارقطني قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/ ١٤٦): "له علتان: إحداهما: أن مكحولا لم يصح له السماع من أبي ثعلبة، كذلك قال أبو مسهر الدمشقي وأبو نعيم الحافظ وغيرهما. والثانية: أنه اختلف في رفعه ووقفه على أبي ثعلبة ورواه بعضهم عن مكحول من قوله، لكن قال الدارقطني: الأشبه بالصواب المرفوع. قال: وهو الأشهر. وقد حسن الشيخ (يعني النووي) هذا الحديث وكذلك حسنه قبله الحافظ أبو بكر بن السمعاني في "أماليه". والحديث ضعفه الألباني في "غاية المرام" رقم (٤).
(٧٨٦) - رواه ابن جرير في تفسيره (١١/ ١٠٩) (١٢٨٠٨)، وإسناده ضعيف لأجل العوفي وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد في تفسير سورة البقرة.