للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا روى العوفي، عن ابن عبَّاس: ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ سبيلًا وسنة (٥٠٠).

ووكذا روي عن مجاهد، وعكرمة، والحسن البصري، وقَتَادة، والضحاك، والسدي، وأبي إسحاق السبيعي: أنهم قالوا في قوله: ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ أي: سبيلًا وسنة.

وعن ابن عبَّاس ومجاهد أيضًا وعطاء الخراساني عكسه -[﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ أي: سنة وسبيلًا. والأول أنسب؛ فإن الشرعة] [١] وهي الشريعة أيضًا؛ هي ما يبتدأ فيه إلى الشيء ومنه يقال: شرع في كذا أي: ابتدأ فيه، وكذا الشريعة، وهي ما يشرع منها [٢] إلى الماء. أما المنهاج؛ فهو الطَّرِيقِ الواضح السهل، والسنن: الطرائق، فتفسير قوله ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس والله أعلم.

ثم هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام المتفقة في التوحيد؛ كما ثبت في صحيح البخاري (٥٠١)، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: "نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات، ديننا واحد". يعني بذلك: التوحيد الذي بعث الله به كل رسولًا أرسله، وضمنه كل كتاب أنزله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي [٣] إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ الآية. وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي، فقد يكون الشيء في هذه [٤] الشريعة حرامًا، ثم يحل في الشريعة الأخرى، وبالعكس، وخفيفًا فيزاد في الشدة في هذه دون هذه؛ وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة والحجة الدامغة.


= والتميمى هو أربد أو أربدة المفسر وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد فى رقم (٥١٢).
وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٥١٣) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وسعيد بن منصور، والفريابى وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٥٠٠) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٨٨) (١٢١٣٧).
(٥٠١) - رواه البخارى فى صحيحه فى أحاديث الأنبياء، باب: قول الله ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ … حديث (٣٤٤٣) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الدنيا والآخرة والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد" ورواه مسلم فى صحيحه فى الفضائل، باب: فضائل عيسى حديث (٢٣٦٥/ ١٤٥) من طريق همام بن منبه عن أَبى هريرة نحوه. =