للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن عبد الرحمن بن القاسم، حدثه عن أبيه، عن عائشة قالت [١]: سقطت قلادة لي بالبيداء، ونحن داخلون المدينة، فأناخ رسول الله ونزل فثنى رأسه في حجري راقدًا، فأقبل [٢] أبو بكر فلكزني لكزة شديدة، وقال: حبست الناس في قلادة؟ فَبيَ الموت لمكان رسول الله مني، وقد أوجعني، ثم إِن النبي استيقظ، وحضرت الصبح، فالتمس الماء فلم يوجد، فنزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [إِلى آخر] [٣] الآية، فقال أسيد بن الحضير: لَقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر، ما أنتم إِلا بركة لهم.

وقوله تعالى ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ أي: فلهذا سهل عليكم ويسر ولم يعسر، بل أباح التيمم عند المرض، وعند فقد الماء، توسعةً عليكم ورحمة بكم، وجعله في حق من شرع له يقوم مقام الماء، إلا من بعض الوجوه كما تقدم بيانه، وكما هو مقرر في كتاب الأحكام الكبير.

وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ [٤] لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [أي: لعلكم تشكرون] [٥] نعمه عليكم، فيما شرعه لكم من التوسعة والرأفة؛ والرحمة والتسهيل والسماحة، وقد وردت السنة بالحث على الدعاء عقب الوضوء؛ بأن يجعل فاعله من المتطهرين الداخلين في امتثال هذه الآية الكريمة، كما رواه الإِمام أحمد ومسلم، وأهل السنن عن عقبة بن عامر (٢٤٧)، قال: كانت علينا رعاية الإِبل، فجاءت نوبتي، فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله قائمًا يحدّث الناس، فأدركت من قوله: "ما من مسلم يتوضأ،


(٢٤٧) - رواه مسلم في صحيحه كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، الحديث (٢٣٤)، ورواه أحمد (٤/ ١٤٥، ١٥٣)، وأبو داود في الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا توضأ، الحديث (١٦٩)، وابن خزيمة (٢٢٢) من طرق عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى، فذكره. ورواه الترمذى في أبواب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء، الحديث (٥٥) من طريق زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبى إدريس الخولانى وأبى عثمان عن عمر بن الخطاب به: "وليس فيه حديث عقبة" وزاد فيه " … اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين … " وقال الترمذى: قد خولف زيد بن الحباب في هذا الحديث. وروى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة عن أبى عثمان عن جبير بن نفير عن عمر، وهذا حديث في إسناده اضطراب ولا يصح عن النبي في هذا الباب كبير شيء.=