للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليس يمكن أن يلزق كعبه بكعب صاحبه، إِلا والمراد به العظم الناتئ في الساق، حتى يحاذي كعب الآخر، فدل ذلك على ما ذكرناه؛ من أنهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم [١]، كما هو مذهب أهل السنة.

وقد قال ابن أبي حاتم (٢٤٥): حدثنا أبي، حدثنا إِسماعيل بن موسى، أخبرنا شريك، عن يحيى بن الحارث [بن عبد الله] [٢] التيمي - يعني: الجابر - قال: نظرت في قتلى أصحاب زيد، فوجدت الكتب فوق [] [٣] ظهر القدم، وهذه عقوبة عوقب بها الشيعة بعد قتلهم، تنكيلًا بهم في مخالفتهم الحق، وإِصرارهم عليه.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾، كل ذلك قد تقدّم الكلام عليه في تفسير آية النساء، فلا حاجة بنا إِلى إِعادته، لئلا يطول الكلام. وقد [٤] ذكرنا سبب نزول آية التيمم هناك. لكن البخاري روى ها هنا حديثًا خاصًّا بهذه الآية الكريمة، فقال (٢٤٦):


= أبى القاسم الجدلى به، وعلقه البخارى في صحيحه في الأذان، باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف (٢/ ٢١١) فقال: وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه. وقال الحافظ ابن حجر: استدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبى الرجل - وهو عند ملتقى الساق والقدم - وهو الذي يمكن أن يلزق بالذى بجنبه، خلافًا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم وأثبته بعضهم فى مسألة الحج لا الوضوء، وأنكر الأصمعى قول من زعم أن الكعب في ظهر القدم" ا. هـ. والحديث رواه البخارى فى صحيحه كتاب الأذان، باب: تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها، الحديث (٧١٧)، ومسلم في الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها … الحديث (٤٣٦) من طرف سالم بن أبى الجعد قال: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله يقول: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم".
(٢٤٥) - في إسناده شريك بن عبد الله القاضى وهو ضعيف، ويحيى بن عبد الله الجابر، قال الإِمام أحمد: ليس به بأس. وقال على بن المدينى: معروف، لكن ضعفه ابن معين وأبو حاتم والنسائى، وقال الجوزجانى: يحيى الجابر غير محمود. وقال الحافظ فى "التقريب": لين الحديث.
(٢٤٦) - رواه في صحيحه كتاب التفسير، باب: قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ الحديث (٤٦٠٨) والحديث رواه البخاري أيضًا رقم (٣٣٤)، (٣٦٧٢) (٤٦٠٧)، (٥٢٥٠)، (٦٨٤٤)، (٦٨٤٥) وغيره من طريق عبد الرحمن بن القاسم بهذا الإسناد والروايات مطولة ومختصرة.