للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حكى ابن جرير الإِجماع على أن المشرك يجوز قتله، إِذا لم يكن له أمان، وإن أمِّ البيت الحرام أو بيت المقدس، فإن هذا الحكم منسوخ في حقهم، والله أعلم. فأما من قصده بالإلحاد فيه والشرك عنده والكفر به، فهذا يُمنع. كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. [ولهذا [] [١] بعث رسول الله عام تسع - لما أمَّر الصدِّيق على الحجيج - عليًّا وأمره أن ينادي على سبيل النيابة عن رسول الله صلى الله عليه ومسلم ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوفَنَّ بالبيت عريان] [٢] (٢٩).

[وقال [على] بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٣٠): قوله: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ يعني من توجه قبل البيت الحرام، فكان المؤمنون والمشركون يحجون البيت الحرام، فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدًا يحج البيت أو يعرضوا له من مؤمن أو كافر، ثم أنزل الله بعدها: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ الآية] [٣]. وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّه﴾. وقال: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. فنفى المشركين من المسجد الحرام.

وقال عبد الرزاق (٣١): حدثنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾، قال: منسوخ؛ كان الرجل في الجاهلية إِذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من


= عن ابن جريج بالإسناد نفسه وهو إسناد صحيح إلى ابن جريج، والله أعلم.
وأما الرواية عن السدي: فأخرجها ابن جرير في تفسيره (٩/ ٤٧٢) (١٠٩٥٨) من طريق أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي، وهو أطول من رواية عكرمة ورواية ابن جريج. وأسباط هو ابن نصر الهمداني وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٨٥)، وضعفه النسائي وغيره، ترجمته في تهذيب الكمال (٢/ ٣٥٧) (٣٢١)، قال الحافظ في "التقريب": صدوق كثير الخطأ يغرب. وأحمد بن المفضل هو الحضري من رجال التهذيب قال فيه الحافظ: صدوق شيعي في حفظه شيء، والأثر ذكره القرطبي في تفسيره (٦/ ٤٣)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١).
(٢٩) - يأتي تخريج هذا في أول سورة التوبة.
(٣٠) - أخرجه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٤٧٨) (١٠٩٧٥) والنحاس في ناسخه (ص ٣٥٩ - ٣٦٠)، وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد، والأثر ذكره السيوطي في الدر (٢/ ٤٤٩) وزاد نسبته إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣١) - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١٨٢) ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (٩/ ٤٧٨) (١٠٩٧٦)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (ص ٣٥٩)، ومعمر بن راشد من أثبت الناس في قتادة روى ابن أبي حاتم=