للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خير الكتب، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك، وقال أهل الإِسلام: لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتَم النبيين، أمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا. فقضى الله بينهم فقال: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ الآية. وخير بين الأديان، فقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [إلى قوله] [١]: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾.

وقال مجاهد: قالت [٢] العرب: لن نبعث ولن نعذب، وقالت اليهود والنصارى: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾: وقالوا: ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾.

والمعنى في هذه الآية، أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني، [ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال] [٣]، وليس كل من ادّعى شيئًا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال: إنه هو المحق [٤]، سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من الله برهان، ولهذا قال تعالى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ أي: ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة رسله [٥] الكرام، ولهذا قال بعده: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾، كقوله: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.

وقد روي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة، قال الإِمام أحمد (٨٠٨):


= ورواه مسلم في صحيحه: كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، بنحوه وفي الباب عن عبد الله بن مسعود لأبي تخريجه (سورة الأعراف/ آية ١٧٨).
(٨٠٨) - " المسند" (١/ ١١/ رقم ٦٨)، ورواه أيضًا (رقم ٦٩)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٧٤، ٧٥) - وعنه وعن غيره البيهقي فى "السنن الكبرى" (٣/ ٣٧٣) وفي "الشعب" (٧/ ٩٨٠٥٧) - وابن جرير (٩/ ١٨٠٢٤) من طريق سفيان بن عيينة، ورواه أحمد أيضًا (رقم ٧٠) ثنا يعلي بن عبيد، و (رقم ٧١)، وأبو يعلى فى "مسنده" (١/ رقم ٩٩)، وابن جرير (٩/ ١٠٥٢٧) من طريق وكيع بن الجراح، وهناد فى "الزهد" (١/ح ٤٢٩) ثنا عبدة (٧/ ٢٩٢٦ / إحسان)، ورواه أبو يعلى (١/ ١٠٠) - ومن طريقه ابن حبان (٥/ ١٧٣٥/ موارد) والمروزى في مسند أبي بكر (١١١) والضياء في "المختارة" (١/ ح ٦٩) - وابن جرير (٩/ ١٠٥٢٨) والبيهقي في "الشعب" (٧/ ٩٨٠٥) من طريق يحيى بن سعيد القطان ورواه سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة قاله المصنف انظر أعلاه، ورواه أبو يعلى =