للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، وينصرانه، ويمجسانه كما تولد البهيمة بهيمة عجماء، هل يحسون فيها من جدعاء"، وفي صحيح مسلم (٨٠٦)، عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله : (قال الله ﷿: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين، فاجتالتهم [١]، عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت [٢] لهم".

[ثم قال] [٣] تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾، أي: فقد خسر الدنيا والآخرة وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها.

وقوله تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾، وهذا إخبار عن الواقع؛ فإن [٤] الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك. ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ كما قال تعالى مخبرًا عن إبليس يوم المعاد: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

وقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ أي: المستحسنون [٥] له فيما وعدهم ومناهم ﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾، أي: مصيرهم ومآلهم يوم حسابهم [٦] ﴿وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا﴾ أي: ليس لهم عنها مندوحة ولا مصرف، ولا خلاص، ولا مناص.

ثم ذكر تعالى حال السعداء والأتقياء وما لهم في مآلهم من الكرامة التامة، فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: صدقت قلوبهم وعملت جوارحهم بما أمروا به


= كتاب: السنة، باب: فى ذرارى المشركين (٤٧١٤)، والترمذى، كتاب القدر، باب: ما جاء كل مولود يولد على الفطرة (٢١٣٨)، والنسائى (٤/ ٥٨)، وأحمد (٢/ ٢٤٤ - وفى غير موضع) من حديث أبي هريرة بروايات مطولة ومختصرة.
(٨٠٦) - رواه مسلم فى صحيحه، كتاب: صفة الجنة ونعيمها وأهلها، باب: الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة، وأهل النار (٦٣) (٢٨٦٥) ضمن حديث طويل، وأخرجه أيضًا النسائى فى "الكبرى" (٥/ ٨٠٧٠، ٨٠٧١)، وابن ماجه (٤١٧٩) مختصرًا، وأحمد (٤/ ١٦٢).