للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، حدثنا أبي، عن حميد، عن أنس أن النبي، ، قال لأبي أيوب: "ألا أدلك على تجارة؟ " قال: بلي [يا رسول الله] [١]، قال: "تسعي في صلح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا" ثم قال البزار: وعبد الرحمن بن عبد الله العمري لين، وقد حدث بأحاديث [٢] لم يتابع عليها.

ولهذا قال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ أي: مخلصًا في ذلك محتسبًا ثواب ذلك عند الله ﷿، ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ أي: ثوابًا جزيلاً كثيرًا واسعًا.

وقوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾. أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول، ، فصار في شق، والشرع في شق وذلك عن عمد منه بعد ما ظهر له الحق وتبين له واتضح له. وقوله: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجتمعت [٣] عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقًا، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ تشريفًا [٤] لهم وتعظيمًا لنبيهم، وقد وردت أحاديث صحيحة [٥] كثيرة في ذلك قد ذكرنا منها طرفًا صالحاً، في كتاب "أحاديث الأصول" ومن العلماء من ادّعى تواتر معناها، والذي عوّل عليه الشافعي، ، في الاحتجاج على كون الإِجماع حجة تحرم [٦] مخالفته - هذه الآية الكريمة بعد التروّي والفكر الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك واستبعد [٧] الدلالة منها على ذلك.

ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ أي: إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك بأن نحسنها في صدره ونزينها له، استدراجًا له كما قال تعالى: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾، وقوله: ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.

وجعل النار مصيره في الآخرة؛ لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة، كما قال تعالى ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٢]- في خ: "أحاديث".
[٣]- في خ، ز: "اجمع".
[٤]- في ز: "تشريعا".
[٥]- سقط من: خ.
[٦]- في ز: "تحريم".
[٧]- في خ: "فاستبعد".