للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى أبو داود والترمذي وأبو يعلى والبزار وغيرهم من حديث ابن أبي رواد، عن ابن جريج، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت عليّ ذنوب أمتي، فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها" (٣١٢).

قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به البخاري فاستغربه، وحكى البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أنه أنكر سماع المطلب من أنس بن مالك.

قلت: وقد رواه محمد بن يزيد الآدمي، عن ابن أبي رواد، عن ابن جريج عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن النبي ، به. والله أعلم.

وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَال كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)[طه: ١٢٤ - ١٢٥] (٣١٣)، وهذا الذي قاله هذا -وإن لم يكن هو المراد جميعه- فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كبير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه؛ ولهذا قال : "تعاهدوا القرآن"، وفي لفظ "استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم".

التَّفَصِّي: التخلص يقال: تَفَصَّى فلان من البلية: إذا تخلص منها، ومنه: تفصَّى النوى من التمرة: إذا تخلص منها، أي: إن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال:

وقال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: إني لأمقت القارئ أن أراه سمينًا نسيًّا للقرآن (٣١٤).


(٣١٢) - إسناده ضعيف، المطلب: كثير الإرسال والتدليس وقد عنعن، وأنكر ابن المديني أن يكون سمع من أنس، لكن ابن أبي حاتم قال في المراسيل (٢١٠): سمعت أبي يقول: المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة حديثه مراسيل، لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي، ، إلا سهل بن سعد وأنسًا وسلمة بن الأكوع ومن كان قريبًا منهم. والحديث رواه أبو داود في الصلاة، باب: في كنس المسجد برقم (٤٦١)، والترمذي في فضائل القرآن برقم (٢٩١٦) وأبو يعلى ١٥١٠ - (٧/ ٢٥٣)، ورواه البيهقي (٢/ ٤٤٠)، والطبراني في الأوسط (٦٤٨٩)، وأخرجه عبد الرزاق ٥٩٧٧ - (٣/ ٣٦١).
(٣١٣) -[طه: ١٢٤ - ١٢٦].
(٣١٤) - فضائل القرآن (ص ٢٠٢)، ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٢٢٧)، وفيه انقطاع بين النخعي وابن مسعود.