حديث معاوية (٧٠١): " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلَّا الرجل يموت كافرًا، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا" فعسى للترجي، فإذا انتفى الترجي في هاتين الصورتين، لا ينتفي [١] وقوع ذلك في أحدهما، وهو القتل، لما ذكرنا من الأدلة. وأما من مات كافرًا، فالنص [أنَّه][٢] لا يغفر له البتة، وأما مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة، فإنه حق من حقوق الآدميين، وهي لا تسقط بالتوبة، [ولكن لابد من ردّها إليهم][٣]: لا فرق بين المقتول والمسروق منه والمغصوب منه والمقذوف وسائر حقوق الآدميين، فإن الإِجماع منعقد على أنَّها لا تسقط بالتوبة، ولكنه [٤] لابد من أدائها [٥] إليهم في صحة التوبة؛ فإن تعذر ذلك فلابد من الطلابة [٦] يوم القيامة، لكن لا يلزم من وقوع الطلابة [٧] وقوع المجازاة، إذا [٨] قد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها، ثم يفضل له أجر يدخل به الجنَّةَ، أو يعوض الله المقتول من فضله بما يشاء، من قصور الجنَّةَ ونعيمها، ورفع درجته فيها، ونحو ذلك. والله أعلم [٩].
ثم للقتل العمد أحكام في الدنيا وأحكام في الآخرة؛ فأما [١٠] في الدنيا فتسلط أولياء المقتول عليه، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾، ثم هم مخيرون بين أن يقتلوا، أو يعفوا، أو يأخذوا دية مغلظة أثلاثًا - ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة - كما هو مقدر [١١] في كتب الأحكام.
واختلف الأئمة: هل تجب عليه كفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أُو إطعام؟ على أحد القولين كما تقدَّم في كفارة الخطأ - على قولين، فالشَّافعي وأصحابه وطائفة من العلماء يقولون: نعم يجب عليه؛ لأنه إذا وجبت عليه [١٢] الكفارة في الخطأ، فلأن تجب عليه في العمد أولى، فطردوا [١٣] هذا في كفارة اليمين الغموس [١٤]، واعتضدوا بقضاء