فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة فلهم دية قتيلهم، فإن كان مؤمنًا فدية كاملة، وكذا إن كان كافرًا أيضًا عند طائفة من العلماء. وقيل: يجب في الكافر نصف دية المسلم، وقيل: ثلثها [١] كما هو مفصل [في كتاب الأحكام][٢]. ويجب أيضًا على القاتل تحرير رقبة مؤمنة.
﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ أي: لا إفطار بينهما، بل يسرد صومهما إلى آخرهما؛ فإن أفطر من غير عذر من مرض أو حيض أو نفاس استأنف، واختلفوا في السفر: هل يقطع أم لا؟ على قولين.
وقوله: ﴿تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي: هذه توبة القاتل خطأ إذا لم يجد العتق صام شهرين متتابعين.
واختلفوا فيمن لا يستطع الصيام؛ هل يجب عليه إطعام ستين مسكينًا، كما في كفارة الظهار؟ على قولين: أحدهما: نعم، كما هو منصوص عليه في كفارة الظهار، وإنما لم يذكر هاهنا؛ لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير، فلا يناسب أن يذكر فيه [٣] الإِطعام لما فيه من التسهيل والترخيص. والقول الثاني: لا يعدل إلى الإطعام؛ لأنه لو كان واجبًا لما أخر بيانه عن وقت الحاجة.
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ قد تقدّم تفسيره غير مرّة.
ثم لما بين تعالى حكم القتل الخطأ، شرع في بيان حكم القتل العمد فقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ الآية. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم، الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في [٤] كتاب الله، حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾ إلى أن قال: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، والآيات والأحاديث فى تحريم القتل كثيرة جدًا؛ فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين (٦٨٠) عن ابن مسعود؛ قال: قال
(٦٨٠) - رواه البخارى، كتاب: الرقاق، باب: القصاص يوم القيامة (٦٥٣٣)، ومسلم، كتاب: القسامة والمحاربين .. ، باب: المجازاة بالدماء فى الآخرة (٢٨) - (١٦٧٨)، وكذا رواه أحمد (١/ ٣٨٨، ٤٤٠، ٤٤٢)، والترمذى (١٣٩٦)، والنسائى (٧/ ٨٣)، وابن ماجه (٢٦١٥).