للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتادة قال: فى حرف أي ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾، لا يجزئ فيها صبي.

واختار ابن جرير: أنه إن كان مولودًا بين أبوين مسلمين أجزأ، وإلا فلا، والذي عليه الجمهور أنه متى كان مسلمًا صح عتقه عن الكفارة سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.

قال الإِمام أحمد (٦٧٤): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عُبيد [١] الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار، أنه جاء بأمة سوداء، فقال: يا رسول الله، إنّ على عتق [٢] رقبة مؤمنة؛ فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله، : "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ " قالت: نعم، قال: "أتشهدين أني رسول الله؟ " قالت: نعم، قال: "أتؤمين بالبعث بعد الموت"، قالت: نعم، قال: "أعتقها".

وهذا إسناد صحيح، وجهالة الصحابي لا تضره [٣].

وفي موطأ مالك ومسندي [٤] الشافعي وأحمد، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود


(٦٧٤) - " المسند" (٣/ ٤٥١، ٤٥٢) والحديث فى "المصنف" لعبد الرزاق (٩/ ١٦٨١٤)، ومن طريقه أيضًا انتقاه ابن الجارود، "المنتقى" (٩٣١).
ورواه مالك فى "الموطأ"، كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق فى الرقاب (٢/ ٥٩٥) - ومن طريقه البيهقى فى "السنن الكبرى" (٧/ ٣٨٨) - ورواه البيهقى أيضًا (١٠/ ٥٧) من طريق يونس ابن يزيد، كلاهما (مالك ويونس) عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن رجلًا من الأنصار أتى النبى بوليدة سوداء … قال البيهقى: "وهذا مرسل"، وقال أبو عمر بن عبد البر فى "التمهيد" (٩/ ١١٤، ١١٥)، "وهذا الحديث، وإن كان ظاهره الانقطاع فى رواية مالك - ويونس - فإنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة".
وتعقبه الزرقانى فى شرحه على "الموطأ" (٤/ ٨٥) فقال: "فيه نظر، إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط، إذ المرسل ما رفعه التابعى - وهو من لقى الصحابى - قال: ومثل هذا لا يخفى على أبى عمر، فلعله أراد لقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث" ويؤيد ذلك رواية "معمر" فظاهرها الاتصال حيث قال فيها: "عن رجل من الأنصار". وصحح إسناده من هذا الوجه المصنف، حيث إن جهالة الصحابى لا تضر، وذكره الهيثمى فى "المجمع" (١/ ٢٨) وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وأشار له الحافظ ابن حجر فى "التلخيص الحبير" (٣/ ٢٥٠) وقال: "وهذه الرواية تدل على استحباب امتحان الكافر عند إسلامه بالإقرار بالبعث كما قال الشافعى".
وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٤٥) وعزاه إلى عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد.