للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِلَّا خَطَأً﴾ قالوا: هو استثناء منقطع، كقول الشاعر:

من البيض لم تظعن [١] بعيدًا ولم تطأ … على الأرض إلا رَيْط بُرْدٍ مُرَحَّل [٢] ولهذا شواهد كثيرة. واختلف في سبب نزول هذه، فقال مجاهد وغير واحد (٦٧٠): نزلت في عياش بن أبي ربيعة - أخي أبي جهل لأمه - وهى أسماء بنت مُخَرِّبة، وذلك أنه قتل رجلًا كان [٣] يعذبه مع أخيه على الإِسلام، وهو الحارث بن يزيد العامري، فأضمر له عياش السوء، فأسلم ذلك الرجل وهاجر، وعياش لا يشعر، فلما كان يوم الفتح رآه فظن أنه على دينه؛ فحمل عليه فقتله فأنزل الله هذه الآية.

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٦٧١): نزلت فى أبي الدرداء؛ لأنه قتل رجلًا، وقد قال كلمة الإسلام [٤] حين رفع عليه [٥] السيف، فأهوى به إليه، فقال كلمته، فلما ذكر ذلك للنبي، ، قال: إنما قالها متعوذًا، فقال له: "هلا شققت عن قلبه؟! ".

وهذه القصة في الصحيح (٦٧٢) لغير أبي الدرداء.

وقوله: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ هذان واجبان [٦] في قتل الخطأ: أحدهما الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم وإن كان خطأ، ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة، فلا تجزئ الكافرة.

وحكى ابن جرير، عن ابن عباس والشعبي، وإبراهيم النخعي والحسن البصري أنهم قالوا: لا يجزئ الصغير، حتى يكون قاصدًا للإِيمان. وروى (٦٧٣) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن


(٦٧٠) - كعكرمة وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد والسدى، انظر هذه الآثار عند ابن جرير (٩/ ٣٢، ٣٣)، وابن أبى حاتم (٣/ ص ١٠٣١) و"الدر المنثور" للسيوطى (٢/ ٣٤٤، ٣٤٥).
(٦٧١) - رواه ابن جرير (٩٣/ ١٠٠٩) حدثنى يونس أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فذكره، وهذا مرسل، وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٤٥) ولم يعزه لغير ابن جرير.
(٦٧٢) - أخرجه البخارى، كتاب: المغازى، باب: بعث النبى أسامة بن زيد إلى الحُرقان من جهينة (٤٢٦٩)، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (١٥٨، ١٥٩) (٩٦)، وصاحب القصة: هو أسامة بن زيد .
(٦٧٣) - لم أجده فى تفسير عبد الرزاق، ومن طريقه رواه ابن جرير (٩/ ١٠١٠١) وإسناده صحيح إلى قتادة. وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٤٥): عزاه إلى عبد الرزاق وعبد ابن حميد.