للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ رواه ابن جرير (٥٣٤)، وقد رواه ابن مردويه من طرق عن ابن عمر.

وهذه الآية التي في سورة "تنزيل" مشروطة بالتوبة، فمن تاب من أي ذنب وإن تكرر منه تاب الله عليه، ولهذا ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ أي: بشرط التوبة، ولو لم يكن كذلك لدخل الشرك فيه، ولا يصح ذلك؛ لأنه تعالى قد حكم [١] هاهنا بأنه لا يغفر الشرك، وحكم بأنه يغفر ما عداه لمن يشاء، أي: وإن لم يتب صاحبه فهذه أرجى من تلك من هذا الوجه والله أعلم.

وقوله ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ كقوله ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ وثبت في الصحيحين (٥٣٥) عن ابن مسعود أنَّه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك" وذكر تمام الحديث. وقال ابن مردويه (٥٣٦): حدَّثنا إسحاق ابن إبراهيم بن زيد، حدَّثنا أحمد بن عمرو، حدَّثنا إبراهيم بن المنذر، حدَّثنا معن، حدَّثنا سعيد ابن بشير، حدَّثنا قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين: أن رسول الله قال:


= فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٠٢) وزاد عزوه إلى ابن الضريس وابن المنذر!!.
(٥٣٤) - تفسير ابن جرير (٨/ ٩٨٣٠) حدثنى المثنى قال: حدَّثنا إسحاق قال: حدَّثنا ابن أبي جعفر عن أبيه به، وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/ ٥٤٢٢) حدَّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله بن أبي جعفر به. ومُجَبَّر لقب واسمه "عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأصغر بن عمر بن الخطاب" وهو ابن أخى عبد الله بن عمر ترجم له الشيخ أَبو الأشبال فى الحاشية ترجمة وافية ثم خلص إلى أنَّه "تابعى عرف شخصه، ولم يذكر بجرح، فأقل حالاته أن يكون حديثه حسنًا" غير أن عبد الله بن أبي جعفر وأباه متكلم فيهما؛ وسم الحافظ الأول بأنه "صدوق يخطئ" والثانى "صدوق سيئ الحفظ" والخبر لم يعزه السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٠٢) لغير ابن جرير وابن أبي حاتم.
(٥٣٥) - تقدم تخريجه في سورة البقرة / آية ٢٢.
(٥٣٦) - وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره (٣/ ٥٤٢٩) من طريق محمد بن بكار، والطبرانى فى "المعجم الكبير" (١٨/ ٢٩٣) من طريق أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخى، والحارث بن أبي أسامة فى مسنده كما فى "زوائد الهيثمى" (رقم ٢٤) والبيهقى فى "السنن الكبرى" (٨/ ٢٠٩) من طريق عمر ابن سعيد الدمشقى، ثلاثتهم (ابن بكار وأَبو الجماهر والدمشقى) ثنا سعيد بن بشير به، وسعيد بن بشير ضعيف، وتابعه من هو مثله؛ فأخرجه البخارى فى "الأدب المفرد" (رقم ٣٠) والرويانى فى مسنده (١/ رقم ٨٦) من طريق الحسن بن بشر، نا الحكم بن عبد الملك عن قَتَادة به، والحديث مُعَلٌّ قبل ذلك بعنعنة الحسن وقتادة، قال الهيثمى فى "المجمع" (١/ ١٠٨): "رواه الطبرانى فى "الكبير" =