للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برجل مسلم؟ " قال: بلى يا رسول اللَّه، ولكن أصابتني جنابة، ولا ماء. قال: "عليك بالصعيد فإنه يكفيك".

ولهذا قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ فالتيمم [في اللغة] [١] هو القصد، تقول [٢] العرب: تيممك [٣] اللَّه بحفظه أي: قصدك. ومنه قول امرئ القيس شعرًا [٤]

ولما رأت أن المنية وردها … وأن الحصى من تحت أقدامها دام

تيممت العين التي عند ضارج … يفيء عليها الفيء عرمضها طام

والصعيد، قيل: هو كل ما صعد على وجه الأرض، فيدخل فيه التراب والرمل، [٥] والشجر والحجر والنبات، وهو قول مالك. وقيل: ما كان من جنس التراب] [٦]؛ [فيختص التراب [٧] والرمل] [٨] والزرنيخ والنورة. وهذا مذهب أبي حنيفة. وقيل: هو التراب فقط. وهو مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهما، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ أي: ترابًا أملس طيبًا، وبما ثبت في صحيح مسلم (٤٩١)، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول


= (٣١٢) (٦٨٢) مطولاً، وكذا أخرجه أحمد (٤/ ٤٣٤)، والنسائى، كتاب الطهارة، باب: التيمم بالصعيد (١/ ١٧١).
(٤٩١) - صحيح مسلم، فاتحة كتاب المساجد ومواضع الصلاة (٤) (٥٢٢)، وكذا أخرجه أحمد (٥/ ٣٨٣)، والنسائى فى فضائل القرآن من "الكبرى" (٥/ ٨٠٢٢) وغيرهم من طرق عن أبى مالك الأشجعى عن ربعى عن حذيفة به باللفظ الأول. وأما اللفظ الثانى فقد قال الرافعى فى "الشرح الكبير": "لم أره فى شئ من طرق حديث حذيفة بلفظ: "جعل ترابها" وإنما عند جميع من أخرجه: "تربتها" وتعقبه الحافظ ابن حجر فى "التلخيص الحبير" (١/ ١٥٨) فقال: "رواه أبو داود الطيالسى فى مسنده - (رقم ٤١٨) - عن أبى عوانة عن أبى مالك بلفظ: "وترابها طهورًا" وكذا أخرجه أبو عوانة فى صحيحه (١/ ٣٠٣) والدارقطى- (١/ ١٧٦) (رقم ٢) لكن الذى فيه "تربتها" ومن طريقه أخرجه ابن الجوزى فى "التحقيق" (٣٧٩/ بتحقيقى) بلفظ: "ترابها" من طريق سعيد بن مسلمة عن أبى مالك والبيهقى -فى "السنن الكبرى" (١/ ٢١٣) - من طريق عفان وأبى كامل، كلاهما عن أبى عوانة كذلك، وهذا اللفظ ثابت أيضًا من رواية على أخرجه أحمد (١/ ٩٨) - والبيهقى (١/ ٢١٣،٢١٤) - وحسنه فى الفتح (١/ ٤٣٨) ولفظه عندهما "أعطيت ما لم يعط أحدٌ من الأنبياء" فقلنا: ما هو يا رسول اللَّه؟ قال: نُصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لى التراب طهررًا، وجعلت أمتى خير الأمم".