للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، ناهيًا لهم عما يقربهم إلى سخطه، ويبعدهم عن رضاه، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾: خافوه وراقبوه فيما تفعلون ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ أي: اتركوا مالكم على الناس من الزيادة على رءوس الأموال بعد هذا الإِنذار ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: بما شرع اللَّه لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك.

وقد ذكر زيد بن أسلم، وابن جريج، ومقاتل بن حيان، والسدي؛ أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير بن [١] ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإِسلام ودخلوا فيه طلبت ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاوروا [٢]، وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإِسلام. فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول اللَّه ، فنزلت هذه الآية، فكتب بها رسول اللَّه، إليه ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ فقالوا: نتوب إلى اللَّه ونذر ما بقي من الربا. فتركوه كلهم.

وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي البربا بعد الإنذار. قال ابن جريج: قال ابن عباس: ﴿فأذنوا بحرب﴾ أي: استيقنوا بحرب من اللَّه ورسوله. وتقدم من رواية ربيعة بن كلثوم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: يقال [٣] يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب، ثم قرأ ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ فمن كان مقيمًا على الربا لا ينزع عنه، [كان حقًّا] [٤] على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن بشار [٥]، حدثنا عبد الأعلى،


[١]- في ت: "عن".
[٢]- في ز: "فتشاروا".
[٣]- في خ: "يقام".
[٤]- في ز، خ: "يحق".
[٥]- في ز، خ: "يسار".