للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدْحِ لا على وجْهِ الإِنكارِ، فأَينَ أثَرُ الفقهِ؟!

• أخبرنا عمر بن ظفر، قال: أنا ابن السراج، قال: أنا الأزجي، قال: أنا ابن جهضم، قال: حدثني أحمد بن حسينُ (١) بن عبدِ الله القَزْوينيُّ، قالَ: حَدَّثَني مَن كانَ مجُالسًا لِبَنانَ أَنَّهُ قالَ: تَعَذَّرَ عليَّ ما أقتاته ولحِقَني ضرورةٌ، فرأَيْتُ قطعةَ ذهبٍ مطروحة في الطريقِ، فأَردْتُ أَخْذَها، فقلتُ: لُقَطَة فتركتُها، ثم ذكرتُ الحديثَ الذي يُروى: "لو أَنَّ الدُّنيا كانتْ دَمًا لكانَ قوتُ المسلمِ منها حَلالًا" (٢). فأَخذتُها، وتركتُها في فَمي، ومشيتُ غيرَ بعيدٍ، فإِذا بحَلَقةٍ فيها صبيان، وأَحدُهُم يتكلَّمُ عليهِم، فقالَ لهُ واحدٌ: متى يَجِدُ العبدُ حقيقةَ الصِّدْقِ؟ فقالَ: إِذا رمى القِطْعَةَ مِن الشِّدْقِ. فأَخرَجْتُها مِن فمي، ورميْتُها (٣).

قال المصنف : لا تختَلِفُ الفقهاءُ أَنَّ رميَهُ إِياها لا يحلُّ، والعَجَبُ أَنَّهُ رماها بقولِ صبيٍّ لا يَدْري ما قالَ!

• وقد حكى أَبو حامدٍ، أَنَّ شقيقًا البَلْخِيَّ جاءَ إِلى أَبي هاشم الزاهدِ وفى طَرفِ كسائِهِ شيءٌ مصرورٌ، فقالَ لهُ: أَيُّ شيءٍ معكَ؟ قالَ: لَوزاتٌ دَفَعَها إليَّ أَخٌ لي. وقالَ: أُحِبُّ أَنْ تُفْطِرَ عليها. فقالَ: يا شقيقُ! وأَنتَ تُحَدِّثُ نفسَكَ أَن تبقى إلى الليلِ،


(١) في المغربية: حسين. لا ذكر لأحمد.
(٢) هذا الخبر موضوع، انظر السخاوي في المقاصد الحسنة رقم (٨٩٨) وقال: لكن معناه صحيح فإن الله لم يحرم على المؤمن ما يضطر إليه من غير معصية. وذكره السيوطي في الدرر المنتثرة رقم (٣٤٥) وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه فأجاب: الحمد لله، ليس هذا من كلام النبي ولا يعرف عنه بإسناد ولكن المؤمن لا بد أن يتيح الله له من الرزق ما يغنيه ويمتنع فى الشرع أن يحرم على المؤمن ما لا بد منه فإن الله لم يوجب على المؤمنين ما لا يستطعيونه ولا حرم عليهم ما يضطرون إليه من غير معصية منهم. الفتاوى ١٨/ ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٣) ذكر نحوها عن بنان القشيري في رسالته ص ١٧٠.

<<  <   >  >>