للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أحمد: وحدثني حفص بن غِياث، عن هشام، عن أبيه، عن الزُّبيرِ بنِ العَوَّامِ، قالَ: قالَ رسولُ الله : "لأنْ يحمل الرجلُ حبلًا فيحْتَطِبَ، ثم يَجيءَ فيضعَهُ في السوقِ، فيبيعَهُ ثم يَسْتَغْنِيَ بهِ، فيُنْفِقَهُ على نفسِه، خيرٌ لهُ مِن أَنْ يسأَلَ الناسَ: أَعطَوْهُ أَو منعوهُ" (١). انفرد بإخراج هذا الحديث البخاري واتفقا على الذي قبله.

وفي حديث عبد الله بنِ عَمْرو عن النبيِّ أَنَّه قالَ: "لا تَحِلُّ الصدقةُ لغنيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سوي" (٢).

والمِرَّةُ: القُوَّةُ، وأَصلُها مِن شدِّةِ فتْلِ الحبلِ، يقالُ: أَمرَرْتُ الحبلَ إِذا أَحْكَمْتُ فتْلَهُ، فمعنى المِرَّة في الحديثِ: شدِّةُ أَسْرِ الخَلْقِ (٣)، وصحَّةُ البدَنِ التي يكونُ معها


= والمزْعة: بضم الميم وحكى كسرها وسكون الزاي بعدها: القطعة من اللَّحم وهذا يحتمل: أن يكون المراد أنه يأتي ذليلًا ساقطًا لا قدر له ولا جاه. أو يعذب في وجهه حتى يسقط لحمه ويكون عظمًا إمَّا لمشاكلة العقوبة في مواضع الجناية من الأعضاء؛ لكونه أذل وجهه بالسؤال وإمَّا أن يكون ذلك علامةً له وشعارًا يعرف به. والأخير هو الصحيح؛ إذ إنه حمل للفظ على ظاهره. انظر: أعلام الحديث للخطابي ٢/ ٨٠٢ ومشارق الأنوار ١/ ٣٧٨ وفتح الباري ٣/ ٣٣٩.
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ١٦٤، ١٦٧ والبخاري رقم (١٤٧١) رقم (٢٠٧٥) ورقم (٢٣٧٣) وابن ماجه رقم (١٨٣٦).
(٢) أخرجه أبو داود رقم (١٦٣٤) والترمذي رقم (٦٥٢) وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٣/ ٣٢٩ والدارمي ١/ ٤٧٢ والإمام أحمد في المسند ٢/ ١٦٤، ١٩٢، ورقم (٦٥٣٠، ٦٧٩٨)، وقال عنه محقق السند العلامة أحمد شاكر: إسناده صحيح، ثم كتب فيه تحقيقًا نفيسًا، فليراجع، وقد ثبت الحديث بهذا اللفظ أيضًا من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح على شرط الشيخين رواه أحمد رقم (٨٨٩٥، ٩٠٤٩) والنسائي ١/ ٣٦٣. وابن ماجه ١/ ٢٨٩. وذكره الألباني في إرواء الغليل رقم (٨٧٧)، وصحيح الجامع الصغير رقم (٧١٢٨)، وصحيح أبي داود رقم (١٤٣٩)، وصحيح الترمذي رقم (٥٢٧)، وتخريج المشكاة رقم (١٤٤٤) وقال: صحيح.
(٣) كما قال تعالى: ﴿وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾ [الإنسان: ٢٨]. أي: خلقهم. يقال: رجل مأسور ومأْطور: شديدُ عَقْد المفاصِل والأَوصال، ويقال: فلانٌ شديدُ أَسْرِ الخَلْقِ إِذا كان معصوب الخَلْق غيرَ مُسْتْرخٍ. انظر: مختار الصحاح ص ٧ واللسان ٤/ ١٩.

<<  <   >  >>