للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكُنتُ أمسَحُ دمُوعِي بالجُلِّ، فأقرَحَ الجُلُّ الموضِعَ، وكانَ يخرجُ الدَّمُ مَع الدُّموعِ، فمِن شِدَّةِ الإرادةِ وقوَّةِ سُرورِي بِحالِي لم أفرِّق بين الدُّموعِ والدَّم، وذهبَت عينِي في تلكَ الحجَّةِ، وكانت الشمسُ إذا أثَّرت فِي يَدي قبَّلتُ يدي ووضعتُهَا علَى عَينِي سُرورًا مِنِّي بالبَلاء (١).

أخبَرنا محمدُ بن أبي القاسِم، قال: أنا حَمَد بنُ أحمد، قال: أنا أبو نُعَيمٍ الحافظ، قال: سمعتُ أبا الفضلِ أحمدَ بنَ أبي عِمرانَ يقولُ: سمعتُ محمدَ بنَ أبِي داودَ الدَّقِّي يقول: سمعتُ أبا بكرِ الزَّقاقَ يقول: كان سببُ ذهابِ بَصَري أنِّي خَرجتُ في وسطِ السَّنةِ أريدُ مكَّةَ، وفي وسَطِي نصفُ جُلٍّ وعلَى كتفي نصفُ جُلٍّ، فَرَمدَت إحْدَى عَينَيَّ، فمَسَحتُ الدُّموعَ بالجُلِّ، فقَرَحَ المكانَ، فكانتِ الدُّموعُ والدَّمُ يسيلانِ مِن عَينِي (٢).

أخبرنا محمدُ بنُ أبي القَاسِم، قال: أنبأنا أبو محمَّد التَّمِيمِي، قال: أنبأنا أَبُو عبدِ الرَّحمن السُّلَمِي، قال: سمعتُ أبا بكرٍ الرَّازِيَّ يقول: قلتُ لأبي بكرٍ الزَقَّاق، وكان بفردِ عينٍ: ما سببُ ذهاب عينِك؟ قال: كنتُ أدخلُ الباديةَ على التوكُّل، فجعلْتُ على نفسِي أن لا آكُلَ لأَهلِ المنازِلِ شيئًا تورُّعًا، فسالَت إحدَى عَينَيَّ على خَدَي مِن الجُوعِ (٣).

قال المصنِّفُ قلت: إذا سمعَ مُبتَدِئٌ بحالةِ هذا الرَّجلِ ظنَّ أنَّ هذِهِ مجاهَدَاتٌ، وقد جَمَعت فنونًا مِن المعاصِي والمخالفات، مِنها:

° خروجُهُ فِي نصفِ السَّنةِ على الوِحدةِ.


(١) أخرج الخطيب في تاريخ بغداد ٥/ ٤٤٢.
(٢) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١٠/ ٣٤٤.
(٣) لم أجد من أخرجه غير المؤلف وانظر: ما تقدم في الذي قبله.

<<  <   >  >>