ومعنى قوله: ظاهر بين درعين: أي لبس أحدهما فوق الآخر وكأنه من التظاهر بمعنى التعاون والتساعد. انظر: شرح سنن ابن ماجه ١/ ٢١٨ وعون المعبود ٧/ ١٨٢. ذكر ابن حجر في الفتح ١٠/ ٢١٢ عن الإمام الطبري قال: قيل لا يستحق التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف من شيء ألبتة حتى السبع الضاري والعدو العادي ولا من لم يسع في طلب رزق ولا في مداواة ألم والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب؛ اتباعًا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر ﷺ في الحرب بين درعين ولبس على رأسه المغفر وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر هو وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادَّخر لأهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك وقال للذي سأله: أعقل ناقتي أو أدعها؟ قال: "اعقلها وتوكل". فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل والله أعلم. (٢) لعل المؤلف ﵀ عَنَى حديثَ زيد بن أسلم في موطأ مالك ٢/ ٩٤٣ قال ابن عبد البر في التمهيد ٥/ ٢٦٣: هذا الحديث في الموطأ منقطعًا. وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٣٧١ ومسلم رقم (٢٢٠٤) عن جابر ﵁ قال ابن عبد البر في الاستذكار ٨/ ٤١٤: وفي هذا الحديث إباحة التداوي وإباحة معالجة الأطباء وجواز الطب والتطبب. ولمزيد بيان في مسألة التداوي انظر: التمهيد ٥/ ٢٦٥ وزاد المعاد ٤/ ١٥ أو الطب النبوي ص ١٠ وقال: وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبَّبَاتها قدرًا وشرعًا وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة.