للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غائِبٌ.

فأمَّا مَن يدّعِي الوَجدَ، ويتحفَّظُ مِن أن تزِلَّ قدمُه، ثم يتعدَّى إلى تخرِيقِ الثِّيابِ وفعلِ المنكراتِ في الشَّرعِ، فإنا نَعْلَمُ قطعًا أَنَّ الشَّيطانَ يلْعبُ بهِ: أخبرنا أبو منصورٍ القَزَّاز، قال: أخبَرنا أحمدُ بنُ عِلي بن ثابتٍ، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ علي بن الفتحِ، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ الحُسينِ النَّيسَابُوريّ، قال: سمِعتُ أحمدَ بن محمّد بن زكريا يقول: سمعت أحمدَ بنَ عطاءٍ يقول: كان للشلبيِّ يوم الجمعَة نظرةٌ، ومِنْ بَعْدِهَا صَيْحةٌ، فصاح يومًا صيحةً تَشَوَّشَ ما حولَه من الْخَلْق، وكان بِجَنْبِ حلقتهِ حلقةُ أبي عِمران الأشيَب فَحَرَدَ (١) أبو عمران وأهل حلقته (٢).

قَالَ الْمُصَنِّفُ : واعلم - وفَّقَك الله - أن قلوبَ الصحابةِ كانت أصفَى القلوبِ، وما كانوا يَزيدون عندَ الوَجْدِ على البُكاءِ والخشُوعِ، فَجَرى مِن بعضِ الصَّحابةِ غُرَبائِهِم نحو ما قد أنكَرنَاهُ فبالَغَ رسولُ اللهِ فِي الإنْكارِ علَيهِ:

• فأخبَرنا محمدُ بنُ ناصِرٍ الحافظ، قال: أنبأنا أَحمدُ بنُ عليّ بن خَلَفٍ، قال: أخبرنا أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ عبدِ الله الحاكِم وأنبأنا ابنُ الحُصَين، قال: أنبأنا أبو عِلي بنُ المذهب، قال: نا أبو حفصِ بنُ شاهِين، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ أحمدَ بن عبد الله، قال: حدثنا أحمدُ بنُ محمدِ بن عبد الحميد الجعْفِيُّ، قال: حدَّثنا عبد المُتَعالِ بن طالبٍ، قال: أنبأنا يوسفُ بن عَطِيَّةَ عن ثَابتٍ عن أَنسٍ، قال: وعظَ رسولُ الله يومًا فإذا رجُلٌ قد صُعِقَ. فقال النَّبيُّ : "من ذا المُلَبِّسُ علينا دِينَنَا؟ إن كان صَادِقًا


(١) حَرَدَ يَحْرِدُ حُرودًا: أَي تنحى وتحوّل عن قومه ونزل منفردًا لم يخالطهم من قولهم: تحرّد الجمل إذا تنحى عن الإِبل. انظر: النهاية ١/ ٣٦٢ واللسان ٣/ ١٤٥.
(٢) أخرجه الخطيب في تاريخه ١٤/ ٣٩٣ ومن طريقه المؤلف هنا وذكره الذهبي في السير ١٥/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>