للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق، قال: أنا ابن باكويه، قال: سمعت أبا عمر تلميذ الدقي قال: سمعت الدقي يقول: كان لنا بيت ضيافة، فجاءنا فقير، عليه خرقتان يكنى بأبي سليمان، فقال: الضيافة! فقلت لابني: امض به إلى البيت. فأقام عندنا تسعة أيام، فأكل في كل ثلاثة أيام أكلة، فسمته المُقَامَ. فقال: الضيافة ثلاث. فقلت له: لا تقطع عنا أخبارك. فغاب عنا اثنتي عشرة سنة، ثم قدم، فقلت: من أين؟ فقال: رأيت شيخًا يقال له أبو شعيب المقفع مُبتلًى، فأقمت عنده أخدمه سنة، فوقع في نفسي أن أسأله: أي شيء كان أصل بلائه؟ فلما دنوتُ منه ابتدأني قبل أن أسأله فقال: وما سؤالك عمَّا لا يعنيك (١)! فصبرت حتى تم لي ثلاث سنين، فقال لي في الثالثة: لابد لك؟ فقلت له: إن رأيتَ.

فقال: بينما أنا أصلي بالليل إذ لاح لي من المحراب نور، فقلت: اخسأ يا ملعون! فإن ربي أجل من أن يبرز للخلق ثلاث مرات! قال: ثم سمعت نداءً من المحراب: يا شعيب، فقلت: لبيك! فقال: تحبُّ أن أقبضك في وقتك، أو نجازيك على ما مضى لك، أو نبتليك ببلاء نرفعك به في عليين؟ فاخترت البلاء، فسقطت عيناي ويداي ورجلاي.

قال: فمكثت أخدمه تمام اثنتي عشرة سنة، فقال يومًا من الأيام: ادنُ مني! فدنوت فسمعت أعضاءه يخاطب بعضها بعضًا: أبْرُزْ منه! حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه وهو يسبِّح ويقدِّس، ثم مات (٢).


(١) تكثر في أخبار الصوفية هذه الدعاوى الباطلة من كون المشايخ يطلّعون على الخواطر والنيّات! التي يعتبرونها -جهلًا منهم وتعصبًا- كرامات لأصحابها، وهي في حقيقتها من خصائص الرب تعالى وحده، لم يجعلها حتى للأصفياء من خلقه، وهم الأنبياء والرسلون، ناهيك عن هؤلاء الدجاجلة الذين قصصهم كلها خرافات وأكاذيب!
(٢) لم أقف عليه.

<<  <   >  >>