ما فيها وقالوا: تبعثون منكم رجلًا ونبعث منا رجلًا، ثم نأخذ عليهم أن يعملا بما في كتاب الله، فقال الناس: قد رضينا، فبعثوا عمرو بن العاص، فقال أصحاب علي: ابعث أبا موسى، فقال علي: لا أرى أن أولي أبا موسى، هذا ابن عباس، قالوا: لا نريد رجلًا منك، فبعث أبا موسى وأخر القضاء إلى رمضان (١)، فقال عروة بن أدية: تحكمون في أمر الله الرجال، لا حكم إلا لله. ورجع علي ﵁ من صفين، فدخل الكوفة ولم تدخل معه الخوارج، فأتوا حروراء، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفًا، وقالوا: لا حكم إلا لله، وكان ذلك أول ظهورهم، ونادى مناديهم أن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي وأمير الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكري، وكانت الخوارج تتعبد إلا أن اعتقادهم أنهم أعلم من علي بن أبي طالب مرض صعب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن دُرُسْتُوَيْه، قال: أخبرنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثني موسى بن مسعود، قال: نا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، قال: قال عبد الله بن عباس: إنه لما اعتزلت الخوارج دخلوا دارًا وهم ستة آلاف، وأجمعوا على أن يخرجوا على علي بن أبي طالب، فكان لا يزال يجيء إنسان فيقول: يا أمير المؤمنين، إن القوم خارجون عليك! فيقول: دعوهم فإني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني، وسوف يفعلون.
فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له: يا أمير المؤمنين: أبرد بالصلاة لعلي أدخل على هؤلاء القوم فأكلمهم، فقال: إنني أخاف عليك، فقلت:
(١) أي الحكم في هذه القضية؛ لأن وثيقة القضاء كتبت في شهر صفر. انظر: المنتظم (٥/ ١٢٣).