للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخرجوه من مفهوم الحس (١).

وإنما الصواب قراءة الآيات والأحاديث من غير تفسير ولا كلام فيها (٢)، وما يؤمن هؤلاء أن يكون المراد بالوجه الذات (٣)، لا أنه صفة زائدة، وعلى هذا فسر الآية الآية المحققون (٤) فقالوا: ويبقى ربك، وقالوا في قوله: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]: يريدونه، وما يؤمنهم أن يكون أراد بقوله: "قلوب العباد بين أصبعين" (٥)، أن الأصبع لما كانت هي المقلبة للشيء وأن ما بين الإصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء؛ ذَكَرَ ذلك (٦)، لا أن ثم صفة زائدة.


(١) ليس في إثبات الصفات لله تعالى، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، ليس في ذلك تجسيم على مقتضى الحس، والواجب على جمع الخلق التسليم والانقياد لما تضمنته الأخبار من صفات الباري جل وعلا، وعدم ضرب الأمثال لله تعالى، كما يجب ألا يفهم من صفات الخالق ما يُفهم من صفات المخلوق، وكل كمال ثبت للمخلوق فالخالق أولى بالاتصاف به، وكل نقص نُفي عن الخلوق فالخالق أولى بتنزهه عنه.
(٢) هذا الرأي يدل على ميل المصنف إلى التفويض، وعدم البحث في آيات الصفات وأحاديثها، وليس هذا منهج السَّلف في مثل هذه النصوص؛ إذ إنهم لا ورد عنهم "نفي التفسير" فالمقصود هو التفسير الباطل الذي يخوض في الكيفية، أو أنه تفسير الجهمية الذي يسمونه "تأويلًا"، كما شرح شيخ الإسلام عبارة السلف: "من غير تفسيره" فقال: (أراد به تفسير الجهمية المعطلة، الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الإثبات). مجموع الفتاوى (٥/ ٥٠). أما التفسير الحق الذي هو بيان المعنى من الناحية اللغوية، الذي يجعل الأمر محكمًا معلوم المعنى، فهذا التفسير أثبته السلف ولم ينفوه، كما جاء التفسير النبوي لمسألة الرؤية. انظر، مذهب أهل التفويض للقاضي (٣٧٠ - ٣٨٠).
(٣) قال ابن الجوزي في كتابه "المجالس" (ق ٢/ أ) يرد على من أوّل الوجه بالذات: (وقول المعتزلة: إنه أراد بالوجه الذات؛ فباطل، لأنه أضاف إلى نفسه، والمضاف ليس كالمضاف إليه، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه). وهو كما قال، قال العلامة ابن القيم: (إنه لا يعرف في لغة من لغات الأمم وجه الشيء بمعنى ذاته ونفسه). مختصر الصواعق (٤١٩).
(٤) بل هذا قول المعتزلة الذي أبطله المصنف نفسه في مجالسه (ق ٢/ أ).
(٥) يشير إلى ما أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٤٥ رقم ٢٦٥٤)، وأحمد في المسند (٢/ ١٦٨ - ١٧٣)، والطبراني في الدعاء (٣/ ١٣٩١ رقم ١٢٦٠)، والبيهقي في الأسماء والصفات (١/ ٣٧٢ رقم ٢٩٩).
(٦) هذا تفسير لدلالة الصفة، وهو لا يغني عن إثبات الصفة؛ لأن الواجب إثبات الصفة على ظاهرها =

<<  <   >  >>