الضرب الأول: حكمة تعود إليه تعالى، يحبها ويرضاها. الضرب الثاني: حكمة تعود إلى عباده، هي نعمة عليهم، يفرحون بها، ويلتذون بها، وهذا يكون في المأمورات وفي المخلوقات. فالله -كما قال ابن القيم-: (سبحانه حكيم لا يفعل شيئًا عبثًا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا وهذا في مواضع لا تكاد تُحصى). شفاء العليل (٣٨٠). وخالف في هذه المسألة الأشاعرة الذين نفوا الحكمة وأنكروا التعليل، وقالوا: إن الله خلق المخلوفات، وأمر بالمأمورات، لا لعلة ولا لداعٍ ولا باعث، بل فعل ذلك لمحض المشيئة، وصِرف الإرادة. أما المعتزلة فأثبتوا حكمة، هي مخلوقة ومنفصلة عن الخالق تعالى. وابن عقيل هنا كأنه يجنح إلى نفي التعليل، وإثبات الحكمة، وهذا تناقض! انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٥ - ٣٦)، منهاج السنة (١/ ١٤١ - ١٤٤)، غاية المرام للآمدي (٢٢٤ - ٢٢٦)، نهاية الإقدام للشهرستاني (٣٩٧)، الحكمة والتعليل، د. المدخلي (٣٦ - ٤٣، ٥٠، ٦٢ - ٦٣)، موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٣/ ١٣١٠ - ١٣١٢).