للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخذ الشيطان جارية فخنقها، وألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب، فأُتي بها الراهب فأبى أن يقبلها، فما زالوا به حتى قبلها، فكانت عنده، فأتاه الشيطان فقال: الآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها، فإن أتوك فقل: ماتت، فقتلها ودفنها، فأتى الشيطان أهلها فوسوس إليهم، فألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها ودفنها، فأتاه أهلها فسألوه، فقال: ماتت. فأخذوه فأتاه الشيطان فقال: أنا الذي أخذتها، وأنا الذي ألقيت في قلوب أهلها، وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني تنج، اسجد لي سجدتين، فسجد له سجدتين، فهو الذي قال الله ﷿: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحشر: ١٦] (١).

قال المصنف: وقد روي لنا هذا الحديث على صفة أخرى عن وهب بن منبه، فأخبرنا محمد بن أبي منصور الحافظ، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: أنا أبو علي عيسى بن محمد الطوماري، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء، قال: أنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: ذكر وهب بن منبه أن عابدًا كان في بني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه، وكان في زمانه ثلاثة إخوة لهم أخت، فكانت بكرا ليست لهم أخت غيرها، فخرج البعث على ثلاثتهم، فلم يدروا عند من يخلفون أختهم، ولا من يأمنون عليها، ولا عند من يضعونها، قال: فأجمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل، وكان ثقة في أنفسهم، فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا من غزاتهم، فأبى ذلك عليهم، وتعوذ بالله منهم ومن أختهم، قال: فلم يزالوا به حتى أطاعهم فقال: أنزلوها في بيت حذاء صومعتي.


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (ص ٨٠ رقم ٦١)، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (٤/ ٣٧٢ رقم ٥٤٤٩) بنحوه، والحاكم في المستدرك، قال الحاكم: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي.

<<  <   >  >>