للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحديث أن عمل الإنسان يتجسم له في صورة إنسان طيب الريح، وكذلك العمل الخبيث (١)، وكما جاء في بعض الأحاديث أن القرآن يتمثل لصاحبه في قبره (٢)، وأمثال هذا كثيرة جدا، وعلى كل حال فالله قادر على أن يقلب الأعمال أجساما، فهو قادر على كل ما يشاء، فيجعل الأعمال الصالحة في صور نيرة حسنة. والأعمال القبيحة في صور مظلمة قبيحة، فتوضع هذه في كفة الحسنات وهذه في كفة السيئات، فتثقل موازين بعض، وتطيش موازين آخرين والعياذ بالله.

وقال بعض أهل العلم: إن ما يوزن أصحاب الأعمال، واستدلوا بالحديث المعروف المشهور: أن الرجل السمين-الأكول الشروب-يأتي يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة (٣)، وفي مناقب عبد الله بن مسعود (ت: ٢٩ هـ) : أنهم لما رأوا دقة ساقيه قال لهم «إنها في الميزان أثقل من جبل أحد» (٤).

وما قاله ابن فورك (ت: ٤٠٦ هـ) ، وغيره من المتكلمين: إن وزن حقيقة الأعمال مستحيل؛ لأن ما ليس بجسم يستحيل أن يكون


(١) كما في حديث البراء مرفوعا عند أحمد (٤/ ٢٩٥)، وأصله في الصحيحين.
(٢) كما في حديث بريدة عند أحمد (٥/ ٣٥٢)، وابن ماجه في الأدب، باب ثواب القرآن، حديث رقم (٣٧٨١)، (٢/ ١٢٤٢)، وأورده الألباني في صحيح ابن ماجه (٣٠٤٨)، وقال: ضعيف يحتمل التحسين.
(٣) أخرجه البخاري في التفسير، باب: ﴿أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم﴾ حديث رقم (٤٧٢٩)، (٨/ ٤٢٦)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار، حديث رقم (٢٧٨٥)، (٤/ ٢١٤٧).
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٤٢٠، ٤٢١)، والطبراني في الكبير (٩/ ٧٥ - ٧٦)، (١٩/ ٢٨)، وابن أبي شيبة (١٢/ ١١٣) والحاكم (٣/ ٣١٧).

<<  <   >  >>