للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرح به والابتهاج بذكره هو المستولي على القلب، الغالب عليه، الذي متى فقده فقد قوته الذي لا قوام له إلا به، ولا بقاء له بدونه، ولا سبيل إلى خلاص القلب من هذه الآلام التي هي أعظم أمراضه وأفسدها له إلا بذلك، ولا بلاغ إلا بالله وحده، فإنه لا يوصل إليه إلا هو، ولا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يصرف السيئات إلا هو، ولا يدل عليه إلا هو، وإذا أراد عبده لأمر هيأه له، فمنه الإيجاد، ومنه الإعداد، ومنه الإمداد، وإذا أقامه في مقام، أي مقام كان، فبحمده أقامه فيه، وحكمته إقامته فيه، ولا يليق به غيره، ولا يصلح له سواه، ولا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، ولم يمنع عبده حقا هو للعبد فيكون بمنعه ظالما؛ بل منعه ليتوصل إليه بمحابه ليعطيه، وليتضرع إليه، ويتذلل بين يديه، ويتملقه، ويعطي فقره إليه حقه، بحيث يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة فاقة تامة إليه على تعاقب الأنفاس" (١).

[المطلب السادس والخمسون: التوحيد أصل في إقامة الدين.]

• قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: الآية: ٣٠].

• قال سعيد بن جبير (ت: ٩٥ هـ) : "قوله تعالى: ﴿فأقم وجهك للدين﴾ أي: أخلص دينك لله" (٢).


(١) زاد المعاد ٢/ ٤٢٨ - ٤٢٩.
(٢) تفسير معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي. (سورة الروم: الآية: ٣٠).

<<  <   >  >>